بايدن أم ترامب..من هو الفائز الحقيقي في اتفاق الهدنة في غزة؟
في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يحرص كل من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي سيعود إلى السلطة يوم الاثنين 20 يناير، على الترويج لأنفسهم باعتبارهم الفائزين بهذا الإنجاز الدبلوماسي، رغم أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ بعد، وهو ما قد يؤدي إلى انهياره في أي لحظة.
أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن في 15 يناير عن استياءه عندما سألته صحفية عما إذا كان هو أو دونالد ترامب الأحق بنسب الفضل في الحصول على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة، من جانبه، يرى ترامب أن استعادة هذا الاتفاق هو نجاح شخصي له، مشيرًا إلى أنه "لولا فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر ما كان ذلك ممكنًا" ، كما أعرب عن سعادته بالاتفاق حتى قبل إعلان البيت الأبيض عن التوصل إليه. حسبما ذكرت قناة فرانس24
تستحضر هذه القضية سياقًا تاريخيًا مشابهًا يعود إلى أزمة الرهائن في إيران عام 1981، حيث كان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جيمي كارتر في تلك الفترة يسعى جاهدًا للحصول على إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين الذين احتجزهم النظام الإيراني الجديد، وفي المقابل، كان رونالد ريغان، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 1980، يتهيأ لتولي منصب الرئاسة،وقد أثيرت شكوك وقتها حول تدخل ريغان في مساعي كارتر في الكواليس بهدف أن ينسب لنفسه الفضل في إطلاق سراح الرهائن.
الانتقال السياسي الأمريكي وتأثيره على مفاوضات وقف إطلاق النار
وساهم الوضع السياسي في الولايات المتحدة خلال هذه الفترة الانتقالية بين إدارتين في منح مفاوضات وقف إطلاق النار طابعًا خاصًا، إذ يعد التعاون بين مفاوضي جو بايدن وفريق ترامب الانتقالي حدثًا نادرًا، خاصة في ظل الانقسام السياسي الحاد الذي يعصف بالمشهد الأمريكي، مما يصعب التوصل إلى توافق ثنائي، ورغم ذلك، فإن موافقة فريق بايدن على وجود ممثل ترامب في طاولة المفاوضات تؤكد أن العملية كانت "مربحة للطرفين".
وكان ترامب مصراً على وقف الأعمال القتالية بين إسرائيل وحماس قبل بداية فترة ولايته، حتى لا يتورط في هذا النزاع الإقليمي، حيث كان بإمكانه التفاوض بعد توليه منصب الرئاسة ليحصل على الفضل في الاتفاق، إلا أنه اختار أن يشارك في المفاوضات بشكل نشط ليتمكن من تخصيص وقت أكبر للتركيز على أولوياته الدولية والمحلية الأخرى، مثل التعامل مع إيران وعدم تخصيص موارد كبيرة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
الضغط الأمريكي المشترك وتأثيره على توقيع الاتفاق
على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها فريق ترامب في الضغط على نتنياهو لإنجاز الاتفاق، إلا أن العمل الذي قامت به إدارة بايدن في المرحلة السابقة كان أساسًا في التوصل إلى هذا الاتفاق، حيث يشبه نص الاتفاق النهائي إلى حد كبير الاقتراحات التي قدمتها إدارة بايدن في مايو.
التحديات المستقبلية ومخاطر التنافس بين بايدن وترامب
أصبح تبادل الفضل بين بايدن وترامب ليس سوى محاولة ترويج إعلامي من قبل الرئيسين الأمريكيين، ويعد وقف إطلاق النار ما هو إلا البداية لمفاوضات أكثر تعقيدًا في المستقبل لضمان استدامة السلام.
وتكمن المخاطر الآن في أن ترامب قد يعتبر أن مهمته انتهت بمجرد التوصل إلى الاتفاق، مما قد يجعله يتجاهل التطورات المستقبلية في القضية الفلسطينية، و من جهة أخرى، يرى المحللون أن الواقع على الأرض لن يسمح للرئيس الأمريكي بتجاهل ما سيحدث بعد ذلك في المنطقة، إذ سيكون عليه الاستمرار في مساعي الحفاظ على السلام في الشرق الأوسط لضمان استقرار أكبر.
ويبدو أن التنافس بين بايدن وترامب حول الترويج لأنفسهم كالمفاوضين الرئيسيين للاتفاق لا يعكس الصورة الكاملة للأحداث، إذ يتداخل دور كل من الإدارتين في هذا الملف المعقد، ويظل مستقبل الاتفاق في خطر إذا لم تُتابع المفاوضات بشكل فعال لتحقيق سلام دائم في المنطقة.