بين الخوف والرجاء.. هل الإطالة في الركوع أفضل أم السجود؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الاعتدال بين أركان الصلاة هو الهدي النبوي الأكمل، وهو ما ينبغي أن يتحراه المصلِّي في أداء صلاته، موضحة أن الركوع والسجود والقيام وسائر أركان الصلاة متساوية في الأداء من حيث المشروعية والوجوب، ولا تفضيل لأحدها على الآخر من حيث الأصل، إذ لا تتم الصلاة إلا بها جميعًا.
جاء ذلك ردًّا على سؤال ورد إليها حول: "هل إطالة الركوع في الصلاة أفضل أم إطالة السجود؟"، فأوضحت الدار أن التفضيل بين الأركان ليس تفضيلًا عامًا، بل يتبع حال العبد في صلاته من حيث حضور القلب وخشوعه.
الاعتدال سنة نبوية
وأوضحت الدار أن من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تكون أركان الصلاة معتدلة ومتقاربة، لا يطغى فيها ركن على آخر، استنادًا إلى ما رُوي عن البراء بن عازب رضي الله عنه: "كان ركوع النبي وسجوده، وبين السجدتين، وإذا رفع رأسه من الركوع، ما خلا القيام والقعود، قريبًا من السواء"، كما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه وصف صلاة النبي بأنها "متقاربة" من حيث الطول، في كل ركن.

الإطالة حسب حال المصلي
وبينت دار الإفتاء أن الأفضلية في إطالة ركن من أركان الصلاة، كالركوع أو السجود، تتعلق بحال المصلي نفسه، فإذا كان حاله حال تعظيم وخوف من الله تعالى، فالأفضل له إطالة الركوع، لأنه مقام تعظيم، أما إذا كان حاله حال رجاء وتضرع ودعاء، فالإطالة في السجود أفضل، لأنه موطن القرب والدعاء.
وأكدت الدار أن هذا المعنى مستفاد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فَقَمِنٌ أن يُستجاب لكم»، كما رُوي في "صحيح مسلم".
واستعرض البيان أقوال الفقهاء في المسألة، ومنها قول الإمام النووي بأن "تطويل السجود أفضل من تطويل الركوع"، وقول الحنفية بأن الركوع أكثر مشقة على البدن، والمشقة في العبادات تُضاعف الأجر.
وختمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن جميع أركان الصلاة موضع تعظيم وخضوع لله تعالى، وأن الأصل فيها الاعتدال والاتساق، أما الإطالة في ركن معين فمرهونة بحال الخشوع، وهو ما يحقق المقصود من الصلاة في تقوية الصلة بالله، فقالت: "من وجد قلبه في القيام فليطِل، ومن وجده في السجود فليُطل، ومن كان حاله حال التعظيم فليطل الركوع، ومن كان حاله حال الدعاء فليطل السجود، دون أن يُخلَّ بهيئة الصلاة وتوازن أركانها".