هل يصبح ربط الغاز بين مصر وقبرص بوابة أوروبا الجديدة؟

مع استمرار أوروبا في البحث عن بدائل آمنة ومستقرة لإمدادات الطاقة بعيدًا عن الاعتماد على روسيا، تتجه الأنظار إلى شرق المتوسط، حيث تتشكل خريطة جديدة للغاز يقف في قلبها التعاون بين مصر وقبرص.
خريطة جديدة للغاز
في هذا الإطار، أجرى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج السفير بدر عبد العاطي، ووزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي، زيارة رسمية إلى العاصمة القبرصية نيقوسيا، ناقشا خلالها مع الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليديس ونظيره القبرصي جورج باباناستاسيو آليات تسريع ربط حقول الغاز القبرصية بالبنية التحتية المصرية.
مشروع كرونوس.. نقطة الانطلاق
المباحثات ركزت على مشروع الربط الاستراتيجي لحقل كرونوس القبرصي، والذي من المقرر أن يبدأ ضخ إنتاجه إلى مصر عام 2027 عبر خطوط مخصصة، ليعاد تصديره بعد تسييله في مجمعات إدكو ودمياط إلى الأسواق الأوروبية. وزير البترول أوضح أن المشروع يشهد تقدمًا ملموسًا ويحظى بمتابعة مباشرة من قيادتي البلدين، باعتباره ركيزة لتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة.
البعد الإقليمي والاستراتيجي
هذا الربط لا يمثل مجرد تعاون ثنائي بين القاهرة ونيقوسيا، بل يأتي في إطار أوسع يتمثل في منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يضم إلى جانب مصر وقبرص، كلًا من اليونان وإسرائيل والأردن وفلسطين. المنتدى يُعد منصة للتنسيق في قضايا الغاز بالمنطقة، ويعزز قدرة الدول الأعضاء على مواجهة تحديات أمنية واقتصادية، أبرزها التوترات مع تركيا في ما يتعلق بالحدود البحرية.
خبراء: مصر الرابح الأكبر
المهندس أحمد العايدي، خبير الغاز والبترول، يرى أن ربط الحقول القبرصية بمصر يمثل خطوة استراتيجية مزدوجة الفائدة: فمن جهة تفتح لقبرص منفذًا لتصدير غازها إلى أوروبا، ومن جهة أخرى تمنح مصر ورقة قوة إضافية لترسيخ مكانتها كمحور رئيسي في تجارة الغاز. ويضيف العايدي أن استغلال البنية التحتية المصرية الضخمة يضمن خفض التكاليف وتسريع وتيرة التصدير، في وقت تزداد فيه حاجة أوروبا إلى مصادر بديلة.
من جانبه، يعتبر الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن التعاون المصري القبرصي يعكس توجهًا استراتيجيًا لبناء شبكة إقليمية متكاملة للطاقة، تمتد من الغاز الطبيعي إلى الكهرباء والهيدروجين الأخضر، وهو ما يضع القاهرة في قلب معادلة أمن الطاقة الإقليمي.
ويتفق الخبراء أن مصر هي المستفيد الأكبر من ربط الحقول القبرصية ببنيتها التحتية، حيث يعزز ذلك من قدرتها على تصدير الغاز للأسواق الأوروبية، ويمنحها موقعًا متقدمًا في سوق الطاقة العالمي. غير أن تحقيق هذه المكاسب يتطلب تسريع وتيرة التنفيذ، وجذب استثمارات جديدة، وموازنة التحديات الإقليمية.
وبين الطموح والواقع، تبقى مصر الأقرب لأن تصبح البوابة الرئيسية لإمدادات الغاز نحو أوروبا خلال العقد المقبل.