هل تكسر الصين العقوبات الغربية باستقبالها الغاز الروسي؟

في خطوة تحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز حدود التجارة، استقبلت الصين اليوم السبت ثاني شحنة من الغاز الطبيعي المسال من مشروع "أركتيك 2" الروسي، رغم خضوعه لعقوبات أوروبية وأمريكية منذ عام 2023.
أركتيك 2 الروسي
وتبلغ الطاقة التصميمية للوحدة الأولى بالمشروع نحو 6.6 ملايين طن سنويًا، فيما كانت روسيا تستهدف برفع إجمالي طاقتها لإنتاج الغاز المسال إلى 40 مليون طن سنويًا حال تشغيل كافة وحدات المشروع.
العقوبات الغربية استهدفت المشروع والكيانات المتعاونة معه، الأمر الذي دفع شركة "نوفاتيك" الروسية المشغلة له إلى وقف الإسالة منذ أبريل 2024 بعد امتلاء صهاريج التخزين، قبل أن تلجأ إلى سفينة تخزين عائمة على أمل إيجاد مشترين. ومع غياب المشترين، خسر السوق العالمي أكثر من 6 ملايين طن إضافية من الغاز الروسي.
لكن مع استقبال الصين شحنتين متتاليتين (الأولى في نهاية أغسطس والثانية 6 سبتمبر الجاري)، بات المشهد مختلفًا، حيث برزت دلالات جيوسياسية وتجارية ولوجستية مهمة:
بالنسبة لروسيا، الأمر يمثل نافذة لتصريف الغاز المحاصر بالعقوبات.
بالنسبة للصين، يعكس ذلك توجهاً استراتيجياً نحو تأمين إمدادات بعيدة عن النفوذ الغربي.
أما أوروبا والولايات المتحدة، فقد وجدت نفسها أمام تحدٍ جديد لفعالية العقوبات.
وفي هذا السياق، قال د. وائل حامد، خبير الغاز والطاقة، في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، إن استقبال الصين للشحنات الروسية من مشروع "أركتيك 2" يحمل رسائل جيوسياسية بقدر ما هو اقتصادي، موضحًا أن هذه الخطوة "تكشف قدرة موسكو على الالتفاف على العقوبات الغربية، وتؤكد أن بكين مستعدة لتأمين احتياجاتها بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية والأوروبية".
وأضاف أن هذه التطورات "لا تؤثر على السوق العالمي من حيث الكميات في الوقت الحالي، لكنها تكسر حاجزًا سياسيًا ولوجستيًا مهمًا"، مشيرًا إلى أن "نجاح روسيا في بناء شبكة شحن بديلة يعكس تصميمها على الحفاظ على مكانتها في سوق الغاز المسال".
وتابع: "التحدي الأكبر الآن أمام الغرب هو ما إذا كانت هذه الشحنات مجرد صفقات استثنائية، أم أنها بداية لاتفاقيات طويلة الأجل بين الصين وروسيا، وهو ما قد يعيد رسم خريطة تجارة الغاز العالمية، ويمنح آسيا مركز ثقل متزايد في هذا القطاع".