هل سد النهضة مقبرة في صورة مشروع قومي؟.. 15 ألف قتيل ليسوا مهندسين فقط

في تصريح مفاجئ أثار صدمة بشأن سد النهضة، كشف وزير المياه والطاقة الإثيوبي هابتامو إيتيفا، أن 15 ألف شخص فقدوا حياتهم خلال مراحل بناء سد النهضة الإثيوبي، الذي يوشك على افتتاحه الرسمي خلال الأيام المقبلة.
وفي مقابلة مع مجلة "ريبورتر" الإثيوبية، أكد إيتيفا ما ورد في تقارير محلية ودولية سابقة حول "تكلفة بشرية مذهلة" تكبّدها المشروع القومي الضخم، الذي استغرق إنشاؤه أكثر من 14 عاماً، واصفاً هذه التضحيات بأنها "كانت ضرورية لإنجاز مشروع وطني بهذا الحجم".
ضحايا من الظل.. من هم الـ15 ألفاً؟
بحسب الوزير، فإن الضحايا لم يكونوا فقط من المهندسين أو العاملين الفنيين، بل شملوا عمالاً، سائقي شاحنات، رجال أمن، وسكاناً محليين. وتصدّر قائمة الضحايا المهندس سيميجنيو بيكيلي، المدير السابق للمشروع، الذي وُجد مقتولاً داخل سيارته في العاصمة أديس أبابا عام 2018، في حادثة لا تزال غامضة رغم إغلاق ملفها رسميًا.
ووصف إيتيفا هذه الخسائر البشرية بأنها "الوجه غير المرئي للمشروع"، قائلاً: "ما لا يعرفه كثيرون هو أن بناء هذا السد كان معركة وجودية، خضناها بكل ما نملك، وقدّمنا في سبيلها آلاف الأرواح".
ويأتي هذا التصريح المثير قبل أيام من الافتتاح الرسمي لسد النهضة، والذي سيُقام تزامناً مع نهاية موسم الأمطار، بعد بلوغ حجم التخزين في بحيرة السد 74 مليار متر مكعب، وهو السعة الكاملة المخطط لها.
آبي أحمد: نعتزم تنفيذ مشاريع مائية كبرى جديدة بجانب سد النهضة
وفي تصريحات سابقة، أكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن بلاده لن تتوقف عند سد النهضة، بل تعتزم تنفيذ مشاريع مائية كبرى جديدة، في إطار خططها لتوسيع الاستفادة من الموارد المائية.
ويزيد التطور الجديد يزيد من تعقيد المشهد السياسي حول السد، في ظل استمرار الخلاف الحاد بين إثيوبيا ودولتي المصب، مصر والسودان، اللتين تطالبان بتوقيع اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد، لضمان عدم الإضرار بحصتهما المائية.
رفض مصري سوداني مشترك
وفي بيان مشترك، أكدت القاهرة والخرطوم رفضهما الكامل لأي تحركات أحادية تقوم بها أديس أبابا في حوض النيل الشرقي، وأعربتا عن قلقهما من المسار الذي تسير فيه إثيوبيا تجاه فرض الأمر الواقع.
رسائل مصرية حاسمة
خلال الشهر الماضي، حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من أي تهديد يمس الأمن المائي المصري، وقال بوضوح: "مُخطئ من يعتقد أن مصر يمكن أن تغض الطرف عن قضية بهذا الحجم"، مشدداً على أن مصر ستتخذ كل التدابير التي يكفلها القانون الدولي لحماية مصالحها.
وأضاف أن بلاده لن تسمح بتحويل مياه النيل إلى وسيلة للضغط أو الهيمنة، مؤكداً أن التعاون لا الصراع يجب أن يكون الأساس في التعامل مع الأنهار العابرة للحدود.
شرعية السد في مهب الريح
يعيد الحديث عن 15 ألف قتيل طرح سؤال محوري: هل ما يزال سد النهضة يُمثّل مشروعاً قومياً مشروعاً من الناحية الأخلاقية والإنسانية، أم أنه تحوّل إلى مقبرة جماعية باسم التنمية؟