من أسباب الإيمان.. علي جمعة: الجمال ليس قيمة سلبية لمجرد الزينة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الجمال في فطرة الإنسان يميل إليه بطبعه، وهذا لا يحتاج إلى تدليل، إذ هو محسوس مشاهد في كل زمان ومكان.
الجمال ليس قيمة سلبية لمجرد الزينة
وتابع: أما ما ورد في نصوص الشرع الحنيف من دعوة للتأمل في الجمال، فهي كثيرة؛ نذكر منها قوله تعالى: (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ)، ومثله ما ورد في ذكر جمال منظر السماء والحث على النظر إليه بقوله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ).
وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: يشبه ذلك أيضا ما ذكره الله سبحانه وتعالى في معرض المِنَّه على الإنسان بالمخلوقات التي تبعث البهجة في النفوس، كما في قوله تعالى: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ).
وأكمل: في هذه الآيات دلالة واضحة على عظم قيمة الجمال، حيث امتن الله على الإنسان بكل مظهر جميل، وحث المؤمنين على النظر في كل جميل حتى تسمو نفوسهم وترتقي لفهم المعاني الجميلة.
وأكد أن الجمال ليس قيمة سلبية لمجرد الزينة، كما أنه ليس تشكلًا ماديًا فحسب، ولكنه بالمعنى الصحيح حقيقة مركبة في مداخلها وعناصرها وتأثيراتها المادية والروحية، وموجاتها الظاهرة والخفية، وكذلك في انعكاساتها على الكائن الحي. وذلك لأن أثره يخالط الروح والنفس والعقل، فتنطلق ردود أفعال متباينة: بعضها يبدو جليًا، وبعضها الآخر يفعل فعله داخليًا. لكن محصلة ذلك كله ما يتحقق للإنسان من سعادة ومتعة، وما ينبثق عن ذلك من منفعة تتجلى فيما يأتي أو يدع من أفعال وأقوال، وفيما يحتدم داخله من انفعالات ومشاعر.
وقال: إذا كان الاستمتاع بالجمال مباحًا في الشرع الحنيف، فإنه مدخل إلى ارتقاء الروح والذوق، وسمو النفس وخلاصها من التردي والسقوط، ومحرك للفكر كي يجول إلى ما هو أبعد من المظاهر الحسية التي قد كتب عليها الزوال. فالجمال سبب من أسباب الإيمان، وعناصر من عناصره، والقيم الجمالية والفنية تحمل على جناحيها ما يعمق هذا الإيمان ويقويه، ويجعله وسيلة للسعادة والخير في هذه الحياة. ولذلك حث الإسلام على جمال المنظر، وجمال الأخلاق، والأصوات، والرائحة. بل كان طبع الإنسان ينفر من كل منظر قبيح، وخلق قبيح، وصوت قبيح. والمسلم بدينه الجميل، وبعبادته لرب جميل، وبالتزامه بشرع جميل، يشيع منه الجمال والراحة والطمأنينة في المكان الذي يحل فيه، كما أخبر بذلك المصطفي ﷺ حين قال: «المسلم كالغيث أينما حل نفع».
داعيًا: نسأل الله سبحانه أن يرزقنا جمال الأخلاق، وجمال الممر والمستقر، إنه نعم المولى ونعم النصير.