اللبان العماني..الذهب الأبيض الذي يفوح عطره من جبال ظفار إلى أسواق العالم

حين تتجول في سوق مطرح في قلب مسقط تتسلل إليك نفحات من دخان البخور المتقد، لتملأ الأجواء برائحة آسرة ارتبطت بذاكرة المكان وثقافة عمان.
هذه الرائحة المميزة مصدرها اللبان العماني، الذي يعد من أثمن أنواع البخور في العالم، حتى أن قيمته في بعض الفترات فاقت قيمة الذهب، وظل عبر العصور هدية ملوكية ورمز للقداسة والرفاهية.

سوق مطرح مزيج الذهب والبخور

في أزقة السوق العريقة، تمتزج رائحة اللبان الترابية مع ألوان التوابل والتمر والمسك والعنبر. بين محلات الذهب اللامعة والمباخر الفضية، تجد أكوام من حبات اللبان الصغيرة، تتدرج ألوانها بين الكريمي والعنبر والكراميل.
هذه المشاهد تستحضر الكتاب المقدس، حيث ارتبط اللبان بالهدايا الثلاث التي قدمها المجوس للمسيح: الذهب والمر واللبان.
لا يزال سوق مطرح أحد الأماكن النادرة التي تجمع بين هذه الرموز المقدسة تحت سقف واحد.

تاريخ اللبان العماني واستخداماته الطبية

يستخرج اللبان منذ أكثر من ستة آلاف عام، حيث استخدم كبخور في الطقوس الدينية وكدواء للعديد من الأمراض.
وهو عبارة عن صمغ عطري يفرز من لحاء أشجار تنمو في مناطق تمتد من القرن الأفريقي إلى جنوب الصين. لكن وبحسب الخبراء، يبقى اللبان العماني الأجود والأثمن عالميًا، لما يتمتع به من تركيز عالي للزيوت العطرية.

فوائد اللبان العماني

• يستخدم في التطهير والروحانيات، حيث يعتقد أن بخوره يصعد إلى السماء.
• يدخل في الطب التقليدي لعلاج الالتهابات ومشاكل التنفس.
• يستعمل كمهدئ طبيعي ومساعد على الاسترخاء.
• يستخدم حاليًا في الصناعات الدوائية ومستحضرات التجميل والعطور.

موسم حصاد اللبان في ظفار

تنمو أشجار اللبان في بيئة جبلية وعرة في إقليم ظفار جنوبي عمان، حيث يعتبر صنف الحوجري الأغلى والأكثر نقاءً.
يبدأ موسم الحصاد في أبريل، حين يقوم العمال بتشريط لحاء الأشجار، ليخرج منه سائل أبيض يشبه الحليب. يترك هذا السائل ليجمد خلال عشرة أيام، ثم يكشط على شكل “دموع” صغيرة. تكرر العملية عدة مرات في الموسم الواحد للحصول على أجود الإنتاج.

من الطقوس القديمة إلى صناعة العطور الحديثة

في الحضارات القديمة، ارتبط بخور اللبان بالمراسم الدينية والملكية، وكان يستخدم في المعابد لاعتقاد الناس أن دخانه يحمل الدعوات إلى السماء.
أما اليوم، فقد أصبح اللبان العماني مكونًا أساسيًا في صناعة أفخم العطور العالمية. وتشير تقارير إلى أن بعض القوارير الفاخرة بخلاصة اللبان العماني تباع بأكثر من 340 دولارًا للـ100 مل، مما يجعله من المكونات الأكثر قيمة في سوق العطور.

بخور أغلى من الذهب

لم يكن لقب “البخور الأغلى من الذهب” مجرد مبالغة، بل حقيقة عاشها اللبان العماني عبر التاريخ، حين كان يتداول في طرق التجارة القديمة ويعتبر كنز نفيس يوازي المعادن الثمينة. واليوم يظل اللبان العماني رمز للهوية الثقافية لعمان، وسفير لرائحتها العريقة التي تجمع بين التراث والشفاء والرفاهية