عاجل

ماذا يفعل الزوج والأب مع زوجته وأبنائه الذين لا يُصَلُّون؟

الصلاة
الصلاة

يُكلَّف ربُّ الأسرة بتوجيه من هم تحت رعايته من الزوجة والأبناء وغيرهم إلى المحافظة على الصلاة، وبذل كل الوسائل المشروعة والمعنوية لترغيبهم فيها. فإذا قصَّروا وأصرّوا على تركها، فلا يتحمَّل هو وزر ذلك، مع الاستمرار في النصح والإرشاد، والإكثار من الدعاء لهم بالهداية والصلاح.

أما ما ورد في الحديث الشريف من الإذن بالضرب كوسيلة للتأديب على التهاون في الصلاة، فالمقصود به الضربُ اليسير غير المؤذي، على نحو ما يكون بالسواك أو ما شابهه، بحيث لا يُقصد منه الإيلام، بل يُراد به التنبيه النفسي والتعبير عن العتاب وعدم الرضا بالتقصير في أداء الصلاة. وهذا الأسلوب ليس واجبًا بل هو جائز ومندوب في حالة الولد المميِّز إذا لم يجد معه غيره من وسائل التربية، بينما لا يجوز استعماله مع الزوجة، أو الولد البالغ، أو الطفل غير المميِّز

وجوب تربية الأولاد على المحافظة على الصلاة

شجَّع الإسلام على الزواج وتكوين الأسرة؛ لتكون أساسًا صالحًا لبناء أفراد نافعين لأنفسهم ومجتمعهم. وجعل على الأسرة مسئولًا يقوم بالإنفاق والتوجيه والإصلاح، كما ورد في الحديث الشريف: «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته…» رواه البخاري ومسلم.

وتربية الأبناء لا تقتصر على الأمور الدنيوية، بل تشمل كذلك الجانب الديني، وفي مقدمة ذلك المحافظة على الصلوات الخمس؛ فهي عماد الدين، وأول ما يُحاسَب عليه العبد يوم القيامة. قال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238]، وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].

وقد مدح الله تعالى نبيه إسماعيل عليه السلام لحرصه على توجيه أهله إلى الصلاة والزكاة، فقال: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾ [مريم: 55]. ومن هنا فإن على ربِّ الأسرة أن يُعوِّد أبناءه على أداء الصلاة في أوقاتها، ويرشدهم إلى التمسك بأركان الإسلام ومكارم الأخلاق، مع الصبر والمواظبة على النصح، تطبيقًا لقوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 132]. كما حضَّ النبي ﷺ على التعاون بين الزوجين في العبادة، فقال: «رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى، فأيقظ امرأته فصلت…» رواه النسائي وابن ماجه. وينبغي أن يكون النصح برفق ولين، لقول النبي ﷺ: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه» رواه مسلم.

حكم ضرب الزوجة أو الأولاد عند ترك الصلاة

إذا قصَّرت الزوجة في أداء الصلاة ولم ينفع معها النصح، فعلى الزوج أن يستمر في توجيهها بالترغيب في ثواب الصلاة والتحذير من تركها، ويمكنه أن يستعمل بعض الوسائل التربوية المباحة كالتضييق في المباحات أو التوسعة عليها للتشجيع، مع الحفاظ على حقوقها من نفقة ومعاشرة. أما الضرب فلا يجوز بحالٍ في حق الزوجة لترك الصلاة.

وكذلك الابن البالغ لا يجوز ضربه على ترك الصلاة؛ لأنه أصبح مكلَّفًا ومسئولًا أمام الله تعالى، وليس لأبيه عليه إلا النصح والإرشاد. أما الطفل الصغير غير المميز، فلا يُعاقب على ترك الصلاة، وإنما يُعلَّم أحكامها حتى يعتادها.

أما الطفل المميز الذي بلغ السابعة فيُؤمر بالصلاة، فإذا بلغ العاشرة ولم يحافظ عليها جاز ضربه ضربًا تأديبيًا غير مبرح، كما ورد في الحديث: «مُروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر» رواه أبو داود.

المقصود بالضرب في الحديث

المقصود بالضرب في الحديث هو الضرب الخفيف غير المؤذي، على نحو الضرب بالسواك أو ما يشبهه، بحيث يكون للتأديب النفسي وإظهار العتاب، لا للإيلام أو الإهانة. فقد ثبت أن النبي ﷺ ما ضرب بيده شيئًا قط، لا امرأة ولا خادمًا، إلا في الجهاد.

وقد بيَّن أهل العلم أن هذا الضرب إنما هو وسيلة تربية إذا اقتضت الحاجة، وليس واجبًا على الولي، بل هو على سبيل الندب والاستحباب. وإذا ترتب على الضرب أذى نفسي أو بدني، أو كان سببًا لإضعاف شخصية الطفل، صار ممنوعًا ومحرمًا. وفي كل حال، الأصل هو الاستمرار في التوجيه والنصح والقدوة الحسنة، مع اختيار الأسلوب الأنسب لشخصية الطفل وبيئته

تم نسخ الرابط