غموض نووي: الأقمار الاصطناعية تكشف نشاطاً مشبوهاً قرب مفاعل ديمونا الإسرائيلي

أظهرت صور حديثة التقطتها الأقمار الاصطناعية، وحللها عدد من الخبراء النوويين، نشاطاً مكثفاً في محيط مفاعل "ديمونا" النووي الإسرائيلي. وتثير هذه التطورات شبهات حول بناء مفاعل جديد أو منشأة لتجميع الأسلحة النووية، وسط حالة من التعتيم والسرية التي تحيط بالبرنامج النووي الإسرائيلي، حسب تقرير نشرته وكالة «أسوشيتد برس».

نشاط مريب قرب مفاعل ديمونا
وكشفت الصور الفضائية عن أعمال بناء متسارعة قرب مفاعل "ديمونا"، الواقع في صحراء النقب، ما أثار تساؤلات حول طبيعة المشروع. وبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، فإن سبعة خبراء قاموا بتحليل هذه الصور، ورجّحوا أن يكون للبناء صلة بالبرنامج النووي الإسرائيلي، نظراً لموقعه الحساس وغياب أي استخدامات مدنية في المنطقة.
وانقسم الخبراء السبعة بين تفسيرين رئيسيين: ثلاثة خبراء رجّحوا أن يكون البناء مفاعلاً جديداً يعمل بالماء الثقيل، قادرًا على إنتاج البلوتونيوم، وهي مادة أساسية لتصنيع الأسلحة النووية، بينما أربعة آخرون أشاروا إلى احتمال أن تكون المنشأة الجديدة مخصصة لتجميع الأسلحة النووية، لكنهم امتنعوا عن الجزم بسبب أن البناء لا يزال في مراحله الأولى.
ترجيحات الخبراء بأنه مفاعل نووي
من جهته، قال جيفري لويس، من مركز "جيمس مارتن" لدراسات منع الانتشار النووي: "ربما يكون مفاعلاً نووياً.. البناء طولي، وهو ما يتماشى مع تصميم المفاعلات. صعوبة التحقق نابعة من طبيعة هذه الأنشطة".
بينما أشار إدوين ليمان، من اتحاد العلماء المهتمين: "قد يكون مفاعلاً بلا قبة احتواء ظاهرة. لكن انعدام الشفافية الإسرائيلية يدفع الجميع إلى التخمين". ويأتي هذا النشاط في وقت حساس، بعد أن شاركت إسرائيل في ضرب منشآت نووية في إيران، متذرعة بمخاوف من تطوير أسلحة نووية هناك. وقد يثير البناء الجديد انتقادات دولية بسبب ما يُعتبر "ازدواجية في المعايير" في التعامل مع برامج الأسلحة النووية.
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، كشفت تسريبات لمُبلّغ عن المخالفات وجود برنامج تسليح نووي نشط في إسرائيل. وفق داريل كيمبال، مدير جمعية الحد من الأسلحة: "إذا كان البناء مفاعلاً يعمل بالماء الثقيل، فقد يهدف للحفاظ على قدرة إنتاج البلوتونيوم أو تصنيع رؤوس حربية جديدة".
وقد أول رصد للبناء كان في عام 2021، حين كشفت صور الأقمار الاصطناعية حفرة ضخمة قرب مفاعل ديمونا. لكن صوراً جديدة التقطتها شركة Planet Labs في يوليو الماضي، أظهرت تطوراً كبيراً في الموقع، مع وجود جدران خرسانية متعددة الطوابق ورافعات، ما يشير إلى منشأة تحت الأرض، ما زالت قيد الإنشاء.
نهاية عمر مفاعل ديمونا الحالي
ويعمل المفاعل الحالي منذ ستينيات القرن الماضي، أي أطول بكثير من المفاعلات المماثلة عالمياً. ويتوقع خبراء أن يكون المشروع الجديد بديلاً أو تطويراً للمفاعل القديم، الذي يعتمد على إنتاج البلوتونيوم والتريتيوم، وهما مادتان ضروريتان للرؤوس النووية. ووفق ليمان، فإن التريتيوم يتحلل بمعدل 5% سنوياً، ما قد يدفع إسرائيل لتجديد إنتاجه.
وتُعد إسرائيل واحدة من أربع دول لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، ما يعفيها من التفتيش الدولي. وتعتمد على سياسة "الغموض النووي"، فلا تؤكد ولا تنفي امتلاكها للسلاح النووي. كما قدّر خبراء من نشرة علماء الذرة في 2022 أن إسرائيل تمتلك نحو 90 رأساً حربياً نووياً.