أكرم بدر الدين: بلجيكا وهولندا وفرنسا تفتح باب الاعتراف بالدولة الفلسطينية

قال الدكتور أكرم بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إنه مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما تخلفه من مآسٍ إنسانية ودمار هائل في البنية التحتية، رحبت مصر باعتزام بلجيكا الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، معتبرة أن هذه الخطوة الأوروبية تحمل دلالات سياسية بالغة الأهمية وتفتح الباب أمام تحركات دولية أكثر جدية لنصرة الحقوق الفلسطينية.
وأكد "بدر الدين"، في مداخلة هاتفية مع برنامج اليوم المذاع عبر قناة dmc، أن اعتراف دول أوروبية مؤثرة مثل بلجيكا، هولندا، وفرنسا بالدولة الفلسطينية يمثل تحولًا نوعيًا في الموقف الدولي، إذ يبرهن على أن المجتمع الدولي بدأ يتبنى بوضوح القضية الفلسطينية وفقًا لمرجعيات الشرعية الدولية وحل الدولتين.
المشهد الإنساني في غزة
وتابع: "تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة بشكل يومي، ما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني بصورة غير مسبوقة. لم تسلم من القصف لا النساء ولا الأطفال ولا كبار السن، فيما يواجه مئات الآلاف من المدنيين ظروفًا إنسانية بالغة القسوة وسط حصار خانق."
ووصل أكرم بدر الدين: "تعمل مصر بكل السبل الدبلوماسية على وقف إطلاق النار وحماية الشعب الفلسطيني، إذ يظل معبر رفح شاهدًا على الموقف التاريخي الثابت لمصر التي تؤكد باستمرار أن كرامة الفلسطينيين وحقوقهم غير قابلة للمساومة، وأن أي تحرك دولي جاد يجب أن يرتكز على إنهاء الاحتلال وضمان حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة".
المساعدات الإنسانية المصرية
وأضاف أكرم بدر الدين: "بالتوازي مع الجهود السياسية، واصل الهلال الأحمر المصري إرسال قوافل الإغاثة إلى القطاع، فقد انطلقت مؤخرًا القافلة الثامنة "زاد العزة" محملة بأكثر من 2800 طن من المساعدات الإنسانية العاجلة عبر معبر كرم أبو سالم، وذلك في إطار دور مصر كمحور إقليمي لتنسيق المساعدات وإيصالها إلى مستحقيها".
ونوه : "هذه الجهود الإنسانية تجسد التزام مصر بدعم الشعب الفلسطيني على كافة المستويات، وتؤكد أن البعد الإنساني حاضر بقوة في السياسة الخارجية المصرية تجاه القضية الفلسطينية".
دلالات الاعتراف الأوروبي
بحسب تحليل الدكتور أكرم بدر الدين، فإن اعتراف دول أوروبية بالدولة الفلسطينية يحمل أثرين رئيسيين: "على المستوى السياسي والدبلوماسي: يعزز مكانة القضية الفلسطينية ويمنحها زخمًا دوليًا متجددًا، ما قد يفتح المجال أمام دول أخرى لاتخاذ مواقف مشابهة؛ على المستوى الميداني: قد لا يؤدي فورًا إلى وقف الحرب التي تشنها حكومة الاحتلال المتطرفة، لكنه يضيف ضغوطًا متزايدة على إسرائيل ويضعف موقفها أمام المجتمع الدولي".
وأشار أكرم بدر الدين إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد تخص العرب وحدهم، بل باتت قضية عالمية لها تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية على الشرق الأوسط بأكمله وعلى النظام الدولي ككل.
العراقيل الإسرائيلية والالتفاف
من المتوقع أن تبذل إسرائيل جهودًا مكثفة لعرقلة أي قرارات أوروبية أو دولية تدعم إقامة الدولة الفلسطينية، ولكن أكرم بدر الدين يرى أن "المنطق والعقل" في النهاية سيكونان لصالح الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، خصوصًا أن الموقف الدولي يشهد تبلورًا جديدًا مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي قد يقود إلى تحركات أوسع تضغط على إسرائيل.
وأكد أكرم بدر الدين أن توسع رقعة الدول الداعمة للاعتراف بالدولة الفلسطينية سيزيد من عزلة إسرائيل سياسيًا، ويجعلها أمام مأزق دولي يصعب تجاهله.

الموقف الأمريكي
وفي معرض تحليله للموقف الأمريكي، وشدد أكرم بدر الدين على أن هناك فارقًا واضحًا بين التصريحات العلنية التي قد تحمل رسائل متناقضة، وبين السياسات الفعلية التي تتخذها واشنطن. فالإدارة الأمريكية، بحسب وصفه، تقدم دعمًا غير محدود لإسرائيل بالمال والسلاح، وتوفر لها غطاءً سياسيًا داخل المنظمات الدولية باستخدام حق النقض (الفيتو).
وفي نهاية المطاف، يرى أكرم بدر الدين أن الفائز الحقيقي من هذه التطورات هو الشعب الفلسطيني نفسه، الذي يواصل نضاله من أجل حقوقه المشروعة، بينما تعمل مصر وحلفاؤها على توفير الدعم السياسي والإنساني اللازم لمواجهة هذه المرحلة الدقيقة من الصراع.