النبي محمد ﷺ كأنك تراه.. تأمل في كماله وجماله وإحسانه

يحتفل بها المسلمون في شتى أنحاء العالم، في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام هجري، إحياءً لذكرى مولد خير الخلق، النبي محمد ﷺ، الذي أرسله الله تعالى رحمةً للعالمين، وهدايةً للبشرية جمعاء. وتُعدّ هذه المناسبة فرصة للتعبير عن محبة النبي ﷺ وتقدير جهوده في نشر رسالة الإسلام، وتذكير الأمة بسيرته العطرة وأخلاقه العظيمة.
صفات إنسانية وأخلاقية سامية
وتميز النبي محمد ﷺ بصفات إنسانية وأخلاقية سامية جعلته قدوة للعالمين، فقد كان ﷺ رحيمًا، صادقًا، أمينًا، متواضعًا، كريمًا، وعادلًا, وفي هذه المناسبة الكريمة، يتأمل المسلمون في صفاته النبيلة، ويحرصون على الاقتداء بها في حياتهم اليومية، تعزيزًا لقيم المحبة، والتسامح، والعدل، والرحمة بين الناس.
أجمل الناس خلقا ﷺ
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجمل الناس خلقا، وجهه كالبدر، مشرق مضيء، يسر الناظرين، ويأسر القلوب، جمع الله له كمال الخلق، والخلق، فكان لا يرى -صلى الله عليه وسلم- إلا وأعجب به كل من رآه.
والنبي صلى الله عليه وسلم كما قال أبو طالب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاف من آل هاشم … فهم عنده في رحمة وفواضل
وما يتضح من عظيم أخلاق نفسه آيات على ما تحقق له من سر قلبه المقدس، ولله در الإمام البوصيري حيث قال:
فهو الذي تم معناه وصورته *** ثم ٱصطفاه حبيبا بارئ ٱلنسم
منزه عن شريك في محاسنه *** فجوهر ٱلحسن فيه غير منقسم
[المواهب اللدنية بالمنح المحمدية لشهاب الدين القسطلاني.
فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير". رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كان كأن الشمس تجري في جبهته، وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كأنما الأرض تطوى له، إنا لنجهد أنفسنا، وإنه لغير مكترث". [رواه الترمذي .
وسئل أبو الطفيل رضي الله عنه: "أرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قال:"نعم، كان أبيض مليح الوجه". [رواه مسلم برقم٢٣٤٠].
وعن كعب بن مالك قال:"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه شقة قمر، فكنا نعرف ذلك فيه"؛ [رواه البخاري أي: الموضع الذي يتبين فيه السرور، وهو جبينه.
وعن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال: قلت للربيع بنت معوذ بن عفراء: صفي لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: "يا بني! لو رأيته، رأيت الشمس طالعة". [رواه الدارمي في "سننه".
القمر يملأ الأرض بنوره
وفى حديث ابن أبي هالة: "يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر" [رواه الطبراني في "المعجم الكبير" وذلك؛ لأن القمر يملأ الأرض بنوره، ويؤنس كل من شاهده، وهو يجمع النور من غير أذى، ويتمكن من النظر إليه بخلاف الشمس التي تغشى البصر، فتمنع من تمكن الرؤية، والتشبيه بالبدر أبلغ في العرف من التشبيه بالقمر؛ لأنه وقت كماله، كما قال الفاروق -رضى الله عنه- حين رآه أو كلما رآه:
لو كنت من شيء سوى بشر … كنت المنور ليلة البدر
قال الإمام التسولي: «لو لم يكن له -صلى الله تعالى عليه وسلم، سوى ما اشتملت عليه ذاته من المحاسن لكفاه، فإن جميع الواصفين له -صلى الله تعالى عليه وسلم- لم يدركوا من أوصافه إلا اليسير؛ لأن ما حوت ذاته من المحاسن خرق عادة، ولم يوجد لبشر سواه، فقد قالوا: إن الله تعالى أخفى عن الصحابة جل جماله لطفا بهم؛ لأنه لو أبداه لهم لذهبت عقولهم، فلا يبلغون عنه شيئا؛ ولذا أسلم أبو ذر رضى الله عنه عند رؤيته».
ويقول الحافظ ابن حجر في "الفتح" في معرض حديثه عن "المعراج": «"فلما خلصت إذا يوسف"، زاد "مسلم" في رواية ثابت عن أنس: "فإذا هو قد أعطي شطر الحسن"، وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي، وأبي هريرة عند ابن عائذ، والطبراني: "فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله، قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب"، وهذا ظاهره أن يوسف عليه السلام كان أحسن من جميع الناس، لكن روى الترمذي من حديث أنس: "ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه، حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجها، وأحسنهم صوتا"، فعلى هذا فيحمل حديث "المعراج" على أن المراد غير النبي -صلى الله عليه وسلم، ويؤيده قول من قال: إن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه، وأما حديث الباب فقد حمله ابن المنير على أن المراد أن يوسف عليه السلام أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا -صلى الله عليه وسلم». [فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر.