عاجل

أندريه كورتونوف: لقاء الصين وروسيا والهند رسالة استراتيجية موجهة إلى واشنطن

الدكتور أندريه كورتونوف
الدكتور أندريه كورتونوف

أكد الدكتور أندريه كورتونوف، مدير المجلس الروسي للشؤون الدولية، أن اللقاء الثلاثي الذي جمع الرئيس الصيني شي جين بينج، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون، يمثل تطورًا مهمًا في العلاقات بين هذه القوى الصاعدة، ويحمل في طياته رسائل استراتيجية موجهة إلى الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي مداخلة مع الدكتورة منى شكر، ببرنامج العالم شرقا المذاع عبر قناة القاهرة الإخبارية، أوضح أندريه كورتونوف أن هذا التنسيق الرفيع بين بكين وموسكو ونيودلهي لا يمكن اعتباره مجرد لقاء بروتوكولي، بل هو مؤشر على تشكل محور دولي جديد يسعى لموازنة النفوذ الغربي في النظام العالمي الراهن.

تحالف وتحدٍ لواشنطن

وأشار إلى أن اللقاء الثلاثي يعكس بوضوح تحديًا لهيمنة واشنطن على النظام الدولي، إذ إن هذه التركيبة القيادية بين الصين وروسيا والهند تشكل معًا قوة سياسية واقتصادية وعسكرية هائلة، فضًلا عن أن هذا التعاون يمثل نوعًا من التحالف غير المعلن، لكنه يحمل دلالات سياسية وجيوسياسية عميقة، مفادها أن النظام العالمي لم يعد أحادي القطبية كما كان لعقود.

وأوضح أن هذه الدول الثلاث، برغم اختلافاتها الداخلية وتباين توجهاتها، تسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة تتيح لها مواجهة التحديات الدولية، وصياغة معادلات جديدة تعيد التوازن إلى العلاقات الدولية، بعيدًا عن الانفراد الأمريكي بالقرار العالمي.

تقارب صيني–هندي برعاية موسكو

وأكد أن الصين تعمل على تعزيز تقاربها مع الهند من خلال دور رئيس وزرائها ناريندرا مودي، مشيرًا إلى أن هذا المسار يعكس رغبة بكين في بناء تحالفات إقليمية واسعة قادرة على إعادة تشكيل موازين القوى في آسيا والعالم.

وأضاف "كورتونوف" أن روسيا تلعب دورًا محوريًا في هذا التقارب، نظرًا لعلاقاتها التاريخية الوطيدة مع الهند، وفي الوقت نفسه شراكتها الاستراتيجية المتنامية مع الصين، مما يجعلها حلقة الوصل التي تساهم في بناء أرضية مشتركة بين القوتين الآسيويتين الأكبر.

رسائل جيوسياسية عميقة

وأشار إلى أن اللقاء الثلاثي لم يكن مجرد اجتماع عابر، بل حمل رسائل واضحة للغرب بأن العالم يتغير، وأن هناك قوى أخرى تتحرك باتجاه صياغة شراكات استراتيجية بعيدة عن النفوذ الأمريكي، مبينًا أن هذا التنسيق يرسل إشارة إلى العواصم الغربية بأن المشهد الدولي يتجه نحو التعددية القطبية، وأن قوى جديدة مستعدة لملء الفراغ الذي قد تتركه الولايات المتحدة في بعض المناطق.

كما أوضح أندريه كورتونوف أن التعاون بين هذه العواصم الثلاث لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى ملفات الأمن والطاقة والسياسة الدولية، ما يفتح الباب أمام شراكات استراتيجية طويلة الأمد قادرة على إحداث تغيير جوهري في قواعد اللعبة العالمية.

<strong>أندريه كورتونوف</strong>
أندريه كورتونوف

إعادة تشكيل النظام العالمي

واختتم أندريه كورتونوف مداخلته بالتأكيد على أن التنسيق المتنامي بين الصين وروسيا والهند قد لا يأخذ شكل تحالف رسمي معلن، لكنه في الواقع يعكس توجهًا استراتيجيًا نحو إعادة تشكيل النظام العالمي على أسس أكثر توازنًا وعدالة.

وشدد أندريه كورتونوف على أن هذه الخطوة تمثل إشارة قوية إلى أن العالم يتجه إلى مرحلة جديدة من التعددية القطبية، حيث لم تعد الولايات المتحدة اللاعب الوحيد المهيمن، بل باتت هناك قوى صاعدة تسعى لإيجاد موقعها على الخريطة الدولية وصياغة مستقبل العلاقات العالمية.

تم نسخ الرابط