عاجل

أدرك الورطة التي تغرق فيها قدما ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط فلم يعد أمامه إلا خيار شمشون والتي قد تفسر تصريحاته التليفزيونية المغلفة  بالحنية المزيفة على مصر والمفعمة بالقلق الكذوب على مستقبلها هي وأبنائها الذين يعانون البطالة وفق تصريحه لكن التعامل مع تلك التصريحات لا يجب أن يذهب بعيدا عن حالة "التوهان" وفقد الكبرياء الذي تعاني منه الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل بالمنطقة بعد أن أدارت الدول العربية لخطة ترامب ومازالت ربيبتهم تطارد أشباحا تفسد عليهم إعلان نصر مطلق حتى بدت وكأنها شخص مفتول العضلات يتلقى صفعات على قفاه يعجز عن إيقافها وتسيطر عليه حالة إنكار تدفعه إلىى رفض كل حقوق الفلسطينيين إلا حق واحد وهو الحق في ترك أرضهم والتخلي عنها وهذا هو الحق الوحيد الذي يراه ويتكوف سبيلا وحيدا لنجاحه في مهمته المتداعية.

لقد بدا ويتكوف وكأنه حريص على مصلحة المصريين أكثر من المصريين أنفسهم متعجبا من رفضهم الطريق السهل للخروج من أزماتهم لكن الحقيقة أنه يتوسل للمصريين أن يساعدوه في إنجاح مهمته وهي إزالة الفلسطينيين من طريق أوهام طغمة متطرفة قابعة في تل أبيب.

إن ويتكوف وتصريحاته ليست إلا تألما من الضغوط التي تحاصر أجندته السياسية الساقطة والليقطة التي يرفض الجميع تبنيها ليكون الوسيط والذي يفترض بأنه نزيه كمن "يؤذن في مالطة" بعد أن التفت الدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي حول المسار الذي رسمته مصر للخروج من الأزمة فالحل يا سيد ويتكوف ليس إبادة شعب من أجل الاستقرار بل نجاحك يكمن في إجبار مجانين مسلحين يتوهمون أن تصفية القضية "ممكن".

لكن بلا شك لقد أفصح ويتكوف عن نواياه وأن مصر هي التي تقف حجر عثرة أمام تلك الأجندة الإبادية التي بعث للتبشير وبدا كمن يريد اختفاء مصر أيضا لكن هذا الاحتفاء مرعب أيضا بالنسبة إليه فهو يدرك أن أي تهديد غير مباشر باضطراب حركة القناة مثل تأخير السفن الحربية الأمريكية العابرة يذكر واشنطن بأن مصالحها الاقتصادية والعسكرية مرتبطة باستقرار مصر ويدرك أيضا أن مصر حاجز مهم ضد انتشار التنظيمات المتطرفة في أفريقيا والشرق الأوسط وفي لحظات بدا ويتكوف أنه "ديمقراطي الهوى" يصدر تصريحات انتقادية لاسترضاء الرأي العام الداخلي أو المنظمات الحقوقية كجزء من مسرحية سياسية تدار وراء الكواليس فهو يدرك وبعمق قيمة التحالف مع مصر وهي نقطة ارتكاز حيوية في منطقة تعج بالمنافسين كروسيا والصين وإيران.

لكن على أي حال إن تصريحات ويتكوف التي جعلته يبدو كفلول الإخوان وهم يصطنعون التعاطف مع أزمات المصريين الاقتصادية لكنهم في الحقيقة متربصون بخنجر الغدر شامتون ليمدهم هذا السلوك بقليل من الأمل في مطاردة السراب القابع في نفوسهم بالعودة مجددا.. وهكذا حالك أيضا يا ويتكوف ستظل تطارد سرابا بداخلك أن مصر قابلة للمساومة أو الابتزاز كما أن أهمية مصر ودورها أكبر من الأزمة التي تعيشها حيث لم تدم الهدنة التي قطعت آلاف الكيلومترات لإقرارها سوى أسابيع إن لم يكن أقل..ومصر يا ويتكوف تسيطر على قناة السويس أحد أهم الممرات المائية التجارية والعسكرية في العالم ..ومصر يا ويتكوف لاعب رئيسي في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأعتقد أنكم مثلنا أيضا مللتم من اللجوء إلى تحويل الدعم من مساعدات عسكرية مباشرة إلى تعاون في مجالات مثل الطاقة أو التكنولوجيا أو قطع الدعم تماما وبالطبع لا يرغب ويتكوف في انهيار اتفاقية السلام مع إسرائيل أو تحالف مصر مع خصوم واشنطن.

ومن هنا نتبين أن ويتكوف بنى سيناريو أي استجابة لمهمته الشيطانية بتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية لن يمر إلا بالفوضى في مصر أما حديثه عن مصلحة مصر والمصريين فهو حديث نفس يؤكد أن مصر في حسبته "العقيمة" هي العقبة الوحيدة اليوم أمام تصفية القضية الفلسطينية والتي لن تتحقق إلا بإدخال مصر في الفوضى أما المصريون يا ويتكوف فقد تلقفوا حديثك هذا بمزيد من الفهم للنوايا وربطوها بما يجري على أرض الواقع وتأكد يا ويتكوف أن صبر المصريين وجلدهم أكبر بكثير من رغباتك الدفينة التي نطق بها لسانك.

 

 

تم نسخ الرابط