ما كيفية ترتيب الجنائز إذا كانوا رجالا ونساء وصغارا؟.. الإفتاء توضح

قالت دار الإفتاء إذا اجتمعت عدة جنائز وكانت جميعها من جنس واحد؛ رجالًا أو نساءً أو صبيانًا، فإنه يُقدَّم أفضلهم منزلة، ثم تُرتَّب البقية إما بأن تُوضَع الجنائز متتابعة خلف بعضها بدءًا من الأكبر سنًّا والأرفع فضلًا، أو تُصف جميعًا في خط واحد، ويقف الإمام في الوسط ليصلي عليهم، ويُعامل في ذلك النساء كما يُعامل الرجال.
أما إذا كانت الجنائز لغلمان ونساء، فإن الغلمان يُجعلون في الجهة الأقرب إلى الإمام، وتوضع النساء خلفهم جهة القبلة.
وإذا اشتملت الجنائز على رجال ونساء معًا؛ فقد أجمع جمهور الفقهاء وأكثر السلف على أن الرجال يُقدَّمون مما يلي الإمام، ثم تُوضَع جنائز الصبيان خلفهم، وتليها جنائز النساء من جهة القبلة
حكم الصلاة على الجنائز مجتمعة
أجمع العلماء على جواز الصلاة على عدة جنائز في صلاة واحدة، سواء كانت كلها لرجال، أو كلها لنساء، أو لصبيان، أو اجتمع فيها الرجال والنساء والصبيان معًا. قال الإمام أبو الوليد الباجي في المنتقى شرح الموطأ (2/ 20): إن حضور جنازة أخرى قبل الشروع في الصلاة على الأولى لا يمنع من جمعهما في صلاة واحدة، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم.
ترتيب الجنائز بحسب الفضائل
اتفق الفقهاء على أن الأفضل أن يُقدَّم في الصلاة من له مزية وفضل، على نحو ما هو معمول به في ترتيب الصفوف بالصلاة المفروضة؛ فيقدَّم الرجل على المرأة، والبالغ على الصبي، والحر على العبد، وهكذا.
الجهة المعتبرة في ترتيب الجنائز
اختلف العلماء في تحديد الجهة التي يُقدَّم فيها الرجال والنساء إذا صُلِّي عليهم معًا:
• رأي جمهور العلماء: أن المعتبر هو جهة الإمام؛ فيُجعل الرجال مما يلي الإمام، يليهم الصبيان، ثم النساء من جهة القبلة. وهذا القول ورد عن عدد كبير من الصحابة والتابعين.
• قول آخر: ذهب بعضهم إلى أن الاعتبار بالقبلة لا بالإمام؛ فيقدَّم الرجال عند جهة القبلة، وتوضع النساء مما يلي الإمام. وهو رأي الحسن البصري والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وغيرهم.
• قول ثالث: ذهب إليه عبد الله بن مغفَّل رضي الله عنه، حيث كان يصلي على الرجال وحدهم وعلى النساء وحدهن، وعدَّه الطريق الأوثق.
أدلة الجمهور
استدل الجمهور بما ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم، فمن ذلك:
• قول علي رضي الله عنه: “إذا كان الرجال والنساء، كان الرجال يلون الإمام والنساء من وراء ذلك” (رواه عبد الرزاق).
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يجعل الرجال مما يلي الإمام والنساء خلفهم جهة القبلة (رواه عبد الرزاق).
• وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى على عدة جنائز فجعل الرجال عند الإمام، والنساء مما يلي القبلة، وقال الصحابة الذين حضروا: “هذه هي السنة”.
وجاءت روايات أخرى تؤيد هذا الترتيب عن ابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن ثابت، وواثلة بن الأسقع وغيرهم.
آراء المذاهب الأربعة
• الحنفية: يرون أن ترتيب الجنائز عند الإمام كترتيب الصفوف في الصلاة، فيكون الرجال عند الإمام ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء. ويقدَّم الأحرار على العبيد، وأهل الفضل والسن على غيرهم.
• المالكية: يرون أن الرجال يكونون مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة، وإن كانوا رجالًا فقط فإما أن يُرتَّبوا واحدًا خلف آخر بحسب الفضل والسن، أو يجعلوا في صف واحد والإمام في الوسط. وإن اجتمع غلمان ونساء، فالغلمان عند الإمام والنساء عند القبلة.
• الشافعية: قالوا إن الترتيب يكون: الرجل عند الإمام، ثم الصبي، ثم الخنثى، ثم المرأة عند القبلة. واستدلوا بما ثبت عن الصحابة في جنازة أم كلثوم بنت علي رضي الله عنها وابنها زيد بن عمر بن الخطاب، حيث صلوا عليهما بهذا الترتيب.
• الحنابلة: يرون أن الرجال يُقدَّمون مما يلي الإمام، ثم الصبيان، ثم النساء عند القبلة، وهو قول أكثر أهل العلم، وعللوا ذلك بأن الرجال يتقدَّمون على النساء في الصفوف في الصلاة، فكذلك في الجنائز