طارق البرديسي: مصر ترفض التهجير وتؤكد أن القضية الفلسطينية خط أحمر|فيديو

أكد الدكتور طارق البرديسي، الخبير في العلاقات الدولية، أنّ الدولة المصرية أوضحت بكل قوة وشفافية أنها لن تسمح بأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، ولن تقبل بأي شكل من الأشكال أن يتم تصفية القضية الفلسطينية أو الالتفاف حولها بصفقات سياسية مؤقتة. جاء ذلك خلال مداخلة هاتفية له عبر فضائية "إكسترا نيوز"، حيث استعرض البرديسي الموقف المصري الثابت تجاه فلسطين، موضحًا أن القاهرة تسعى لحماية الأمن القومي العربي من أي محاولات لفرض حلول غير عادلة.
وأشار البرديسي إلى أن مصر تتحرك وفق رؤية استراتيجية تستند إلى الشرعية الدولية، وترفض أي ضغوط أو محاولات تستهدف إضعاف الموقف الفلسطيني أو فرض حلول بعيدة عن قرارات الأمم المتحدة. وأوضح أن الموقف المصري ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لدور تاريخي طويل حملت خلاله القاهرة راية الدفاع عن القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى.
كما شدد على أن ما تقوم به مصر حاليًا يثبت أن القاهرة لم ولن تقبل بأن تكون القضية الفلسطينية ضحية للتجاذبات الإقليمية أو الدولية، مضيفًا أن أي محاولة لتصفية القضية أو نقلها خارج إطارها الطبيعي ستُواجه برفض قاطع من الدولة المصرية وشعبها.
تحركات مصرية مكثفة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي
وأوضح البرديسي أن الموقف المصري لا يتوقف عند حدود التصريحات، بل يترجم عمليًا عبر تحركات مكثفة في المحافل الدولية، سواء من خلال الاجتماعات الدبلوماسية أو عبر الاتصالات المباشرة مع الأطراف الفاعلة في الأزمة. وأضاف أن القاهرة تستثمر علاقاتها المتوازنة مع القوى الكبرى للتأكيد على أن السلام العادل والشامل هو الطريق الوحيد للاستقرار في المنطقة.
وبيّن أن مصر تضع على رأس أولوياتها وقف التصعيد ووقف استهداف المدنيين، إلى جانب دعم صمود الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن الجهود المصرية تنطلق من ثوابت وطنية وأمن قومي واضح. وقال إن القاهرة، ومنذ اندلاع الأحداث الأخيرة، تتحرك بشكل سريع لاحتواء الموقف ومنع تفاقمه، عبر مبادرات إنسانية وسياسية متوازية.
وأكد البرديسي أن رفض مصر لسياسة التهجير لا ينبع فقط من بعدها الإنساني، وإنما يرتبط أيضًا بأمنها القومي المباشر، حيث أن أي محاولة لتغيير الخريطة الديموغرافية في غزة أو الضفة الغربية تمثل تهديدًا مباشرًا للحدود المصرية وللاستقرار الإقليمي ككل.
القضية الفلسطينية خط أحمر بالنسبة لمصر
وأشار البرديسي إلى أن الدولة المصرية أعلنت بشكل واضح أن القضية الفلسطينية خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وأن أي محاولات لإعادة طرح سيناريوهات التهجير أو تقويض حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة لن تجد سوى الرفض القاطع. وأضاف أن ما تعلنه مصر من مواقف يجد صداه لدى المجتمع الدولي الذي بدأ يدرك أن أي تسويات سطحية لن تساهم إلا في تعقيد الأوضاع.
كما لفت إلى أن مصر حذرت مرارًا من أن استمرار تجاهل الحقوق الفلسطينية المشروعة يفتح الباب أمام المزيد من التوترات في المنطقة، موضحًا أن الحل يكمن في الالتزام بقرارات الشرعية الدولية التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد أن مصر تنظر إلى فلسطين باعتبارها قضية أمن قومي لا تقل أهمية عن أي ملف داخلي، مشيرًا إلى أن الموقف المصري الصلب يحظى بدعم شعبي واسع، حيث يعتبر الشعب المصري أن الدفاع عن فلسطين واجب تاريخي وأخلاقي لا يمكن التنازل عنه.
الجهود الإنسانية المصرية في غزة
وأوضح البرديسي أن مصر تتحمل عبئًا إنسانيًا كبيرًا يتمثل في استقبال المصابين والجرحى الفلسطينيين وتقديم العلاج لهم داخل المستشفيات المصرية، فضلًا عن إدخال المساعدات الإغاثية عبر معبر رفح. وأشار إلى أن هذه التحركات تجسد البعد الإنساني العميق للموقف المصري، والذي لا يقتصر على البيانات الرسمية بل يترجم إلى أفعال ملموسة على الأرض.
وأضاف أن مصر قدمت عشرات القوافل الطبية والإغاثية إلى أهالي غزة، إلى جانب جهودها في التنسيق مع المنظمات الدولية لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، لافتا الي أن هذه الخطوات الإنسانية تأتي لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الظروف الصعبة التي يعيشها تحت الاحتلال.
كما شدد على أن التحرك الإنساني المصري لا ينفصل عن التحرك السياسي، بل يكمله ويعطيه مصداقية أكبر، حيث تثبت القاهرة أنها لا تكتفي بالتصريحات، بل تقدم نموذجًا عمليًا للتضامن العربي الحقيقي.
مصر والوساطة بين الأطراف الدولية
واستطرد البرديسي أن مصر تواصل دورها التاريخي كوسيط أساسي بين الأطراف المختلفة، حيث تحافظ على قنوات اتصال مفتوحة مع القوى الدولية والإقليمية، بهدف الوصول إلى تهدئة دائمة تعيد الاستقرار إلى المنطقة. وأكد أن الوساطة المصرية تكتسب مصداقية خاصة كونها قائمة على الحياد والبحث عن مصلحة الشعوب، وليس على حسابات سياسية ضيقة.
وأضاف أن العالم ينظر إلى مصر باعتبارها الدولة الوحيدة القادرة على لعب هذا الدور بحكم موقعها الجغرافي وثقلها السياسي، فضلًا عن كونها طرفًا يحظى بقبول لدى الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. وشدد على أن هذا الدور يعزز من مكانة مصر كركيزة أساسية في منظومة الأمن الإقليمي.
وأشار إلى أن التحرك المصري يتميز بالاتزان والهدوء، بعيدًا عن المزايدات السياسية أو الخطابات الانفعالية، وهو ما يجعل مواقف القاهرة محط احترام وتقدير من مختلف الأطراف.
رؤية استراتيجية لحل عادل وشامل
وأكد أن مصر لا تطرح حلولًا مؤقتة للأزمة، وإنما تعمل وفق رؤية استراتيجية شاملة تضع في الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في إقامة دولته المستقلة. وقال إن أي حل لا يتضمن هذا المبدأ لن يكتب له النجاح وسيظل مجرد محاولة لتأجيل الانفجار القادم.
كما لفت إلى أن القاهرة ترى أن السلام الدائم لا يمكن أن يتحقق إلا عبر المفاوضات المباشرة التي تضمن للفلسطينيين حقوقهم، وتضمن في الوقت ذاته استقرار المنطقة ككل. وأضاف أن مصر ستواصل دورها حتى يتحقق هذا الهدف، مؤكدًا أن القيادة المصرية أوضحت مرارًا أن القضية الفلسطينية هي جوهر الأمن القومي العربي.
خلاصة الموقف المصري
وفي ختام حديثه، شدد طارق البرديسي على أن مصر ستظل تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وسترفض أي محاولات لفرض حلول مجتزأة أو خطط تهجير قسرية، مؤكدًا أن القاهرة تقف بثبات على أرضية الشرعية الدولية والعدالة الإنسانية. وأوضح أن التاريخ سيسجل أن مصر لم تتنازل عن مبادئها ولم تخضع لأي ضغوط مهما كانت.
وأضاف أن الشعب الفلسطيني سيظل يجد في مصر سندًا وداعمًا حقيقيًا لقضيته العادلة، وأن الموقف المصري الرافض للتصفية أو التهجير يمثل رسالة قوية للعالم مفادها أن العدالة هي الطريق الوحيد للسلام.