عاجل

أول ليلة جمعة في ربيع الأول.. كيف احتفل أهل مكة بالمولد النبوي؟

الكعبة المشرفة
الكعبة المشرفة

يقترب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ويتساءل الكثيرون عن حكم الاحتفال به وكيف كان احتفال المولد النبوي في بلاد المسلمين وبينهم مكة المكرمة.

ف احتفل أهل مكة بالمولد النبوي؟

يذكر محمد الجزيري رئيس وحدة التدريب بكلية اللغة العربية  ومنسق مشروع سفراء الأزهر في كتابه المولد النبوي الشريف: حرص أهل مكة المكرمة خلال العصر العثماني على الاحتفال بالمولد النبوي حيث كانت المدافع تُطلق في ليلة الثاني عشر من ربيع الأول، وتعمّ أجواء أشبه بعيد الفطر أو الأضحى، يلبس الناس ملابس جديدة، وتتوقف الدروس العلمية في الحرم المكي، ثم يجتمع الأهالي بعد صلاة المغرب ليشهدوا إمام الحرم جالسًا على كرسي والكعبة خلفه، يروي لهم قصة المولد النبوي الشريف، وبجانبه شريف مكة والوالي العثماني.

ويذكر المقريزي أنه: لما كانت أيام الظاهر برقوق عمل ‌المولد ‌النبويّ في أوّل ليلة جمعة من شهر ربيع الأوّل في كلّ عام، فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض، وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين البلقينيّ، ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم بن رفاعة المغربيّ، ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله التوزريّ المغربيّ، ويليه قضاة القضاة الأربعة، وشيوخ العلم، ويجلس الأمراء على بعد من السلطان، فإذا فرغ القرّاء من قراءة القرآن الكريم، قام المنشدون واحدًا بعد واحد، وهم يزيدون على عشرين منشدًا، فيدفع لكلّ واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة، ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير، فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة، فأكلت وحمل ما فيها، ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية ونحوها، فتؤكل وتخطفها الفقهاء، ثم يكون تكميل إنشاد المنشدين ووعظهم إلى نحو ثلث الليل، فإذا فرغ المنشدون قام القضاة وانصرفوا، وأقيم السماع بقية الليل.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

بحسب فتوى دار الإفتاء فإن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعظيمٌ واحتفاءٌ وفرح بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وتعظيمُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والاحتفاءُ والفرح به أمرٌ مقطوع بمشروعيته؛ لأنَّه عنوان محبته صلى الله عليه وآله وسلم التي هي ركن الإيمان.

وأوضحت الفتوى أن المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي يُقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا.

واستدلت الفتوى على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالكتاب والسنة واتفاق علماء الأمة، فمن القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]، ومِن أيام الله تعالى: أيامُ نصره لأنبيائه وأوليائه، وأيام مواليدهم، وأعظمُها قدرًا مولدُ الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم. وقوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 58]. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الرحمةُ العظمى إلى الخلق كلهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "فضلُ الله: العلمُ، ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وآله وسلم".

كما استدلت بالحديث الشريف على مشروعية الاحتفال، بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سُئِل عن صوم يوم الاثنين، فقال: "ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه"، وهذا إيذانٌ بمشروعية الاحتفال به صلى الله عليه وآله وسلم بصوم يوم مولده.

تم نسخ الرابط