عاجل

الخطاب القرآني.. «أحمد طلبة» يكشف دلالات تربوية وأسلوبية تعكس الرحمة الإلهية (فيديو)

الشيخ أحمد طلبة
الشيخ أحمد طلبة

أكد الشيخ أحمد طلبة أن الخطاب القرآني الموجه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم يتنوع بين ثلاثة أنماط رئيسية: الخطاب المباشر، الخطاب غير المباشر، والتوجيه اللطيف، مشيرًا إلى أن لكل نمط دلالات تربوية وأسلوبية تعكس عمق الرحمة الإلهية بالنبي الكريم، وتقدّم للمسلمين دروسًا في الحكمة، الصبر، والتوازن في الدعوة إلى الله.

وأوضح الشيخ أحمد طلبة، خلال حواره مع الدكتور هاني تمام في برنامج "الجلال والجمال في القرآن"، المذاع على قناة "الناس"، أن هذه الأنماط الثلاثة تساهم في بناء الشخصية الإيمانية وتقديم نموذج عملي في كيفية الجمع بين الحزم والرحمة في التوجيه والإرشاد.

أوامر ونواهٍ واضحة

تحدث الشيخ طلبة عن الخطاب المباشر في القرآن الكريم، موضحًا أنه يتجلى في الآيات التي تحمل أوامر صريحة أو نواهي واضحة للنبي صلى الله عليه وسلم. واستشهد بقول الله تعالى: "فَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ" (سورة القلم: 48)، حيث يحذر الله نبيه من التسرع في اتخاذ القرارات، مستلهمًا العبرة من قصة نبي الله يونس عليه السلام، الذي استعجل الخروج من قومه قبل أن يأذن له الله، فابتُلِي بوجوده في بطن الحوت.

وأشار إلى أن هذا النوع من الخطاب يحمل دلالة تربوية مهمة تتعلق بالصبر على الدعوة وتحمل الأذى، وهو درس ليس فقط للنبي صلى الله عليه وسلم، بل للمسلمين عمومًا في كيفية مواجهة التحديات بالصبر والثبات دون استعجال النتائج.

الخطاب غير المباشر

وانتقل الشيخ طلبة إلى الحديث عن الخطاب غير المباشر في القرآن، الذي يتجلى في قصص الأنبياء السابقين، حيث يُستَخلَص للنبي محمد صلى الله عليه وسلم الدروس والعبر من تجاربهم، دون توجيه مباشر. 

وأوضح أن هذا الأسلوب يعزز روح التأمل والتفكر، مشيرًا إلى قصة نبي الله موسى عليه السلام حينما قال له الله تعالى: "وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ" (سورة طه: 17)، حيث بدأ الله الحوار بأسلوب يحقق الأنس والطمأنينة قبل أن يكلف موسى بمهمة إلقاء العصا ليشهد المعجزة الإلهية.

وبيّن الشيخ طلبة أن هذا الأسلوب يهدف إلى التدرج في التوجيه، وتهيئة النفس لتلقي الأوامر الإلهية، وهو ما يعلّم المسلمين ضرورة مراعاة الحالة النفسية للطرف الآخر عند تقديم النصيحة أو الدعوة.

التوجيه اللطيف

وفيما يتعلق بالأسلوب التوجيهي اللطيف، أوضح الشيخ طلبة أن هذا النمط يتجلى في العديد من الآيات التي خاطب الله فيها نبيه بحب ورحمة، ليؤكد له مكانته العظيمة عند الله، وليخفف عنه مشاق الدعوة. 

وأشار إلى أن هذا الأسلوب يعلم المسلمين أهمية الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، بعيدًا عن التشدد أو الغلظة.

وأضاف أن الله عز وجل خاطب نبيه بلطف في مواضع كثيرة، ليخفف عنه الأذى الذي تعرض له من المشركين، مثل قوله تعالى: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا" (سورة الكهف: 6)، وهو خطاب يحمل في طياته تعزية وتطمينًا للنبي بأن هداية الناس بيد الله وحده.

دروس تربوية

اختتم الشيخ أحمد طلبة حديثه بالتأكيد على أن الأنماط الثلاثة في الخطاب القرآني تعلم المسلمين العديد من القيم التربوية، أهمها الخوف من الله وحده، والصبر على الدعوة، والتوازن بين الرحمة والحزم في توجيه الآخرين. 

وأوضح أن هذه الأساليب القرآنية تقدم نموذجًا فريدًا للدعاة في كيفية التعامل مع الناس، سواء باللين والتلطف أو بالحزم عند الضرورة، بما يضمن وصول الرسالة الإلهية بأفضل طريقة تحقق الهدف منها دون إثارة النفور أو العداء.

تم نسخ الرابط