توتر سياسي يهدد الاقتصاد الفرنسي.. تحذيرات من انعكاسات خطيرة على عوائد الديون

حذّر أستاذ القانون الدولي، الدكتور مجيد بودن، من تداعيات التوترات السياسية الداخلية في فرنسا على الاستقرار الاقتصادي، مؤكدًا أن انعكاسات تلك الاضطرابات بدأت تظهر بشكل واضح في عوائد الديون وتكلفة الاقتراض.
جاء ذلك خلال مداخلته في برنامج "مال وأعمال" على فضائية إكسترا نيوز، حيث شدّد على أن فقدان الاستقرار السياسي ينعكس مباشرة على ثقة المستثمرين والأسواق المالية.
مقارنة مع تجارب أوروبية سابقة
وأوضح بودن أن التجربة الفرنسية تختلف كثيرًا عن حالات الانهيار المالي التي شهدتها بعض دول اليورو مثل اليونان، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الفرنسي يمتاز بقاعدة إنتاج قوية وموارد مالية أكثر متانة ،ورغم ذلك، أشار إلى أن الفجوة المتزايدة بين السندات الفرنسية ونظيرتها الألمانية تكشف عن حجم القلق الذي يعيشه المستثمرون، خاصة في ظل تحديات كبرى مثل تداعيات جائحة "كوفيد-19" والحرب الروسية – الأوكرانية.
دور السياسة في اهتزاز ثقة المستثمرين
وتوقف بودن عند العامل السياسي باعتباره الأكثر تأثيرًا، لافتًا إلى أن خسارة الرئيس إيمانويل ماكرون أغلبيته في البرلمان الفرنسي أدت إلى حالة من الجمود التشريعي وزادت من احتمالية تصويت حجب الثقة، وهو ما قد يثير شكوك المستثمرين حول استقرار المشهد الفرنسي ، وأكد أن المستثمرين يبحثون دائمًا عن بيئة مستقرة على المدى القريب والمتوسط، وأي اضطراب في هذه البيئة يجعلهم أكثر ترددًا في ضخ استثمارات جديدة.
تكاليف الاقتراض وتداعياتها المستقبلية
وفيما يتعلق بملف الاقتراض، أشار أستاذ القانون الدولي إلى أن خفض التصنيف الائتماني لفرنسا قد يضاعف من تكلفة التمويل الحكومي ، ورغم ذلك، ما زال الاقتصاد الفرنسي يتمتع بمكانة قوية كوجهة آمنة نسبيًا للاستثمارات، بفضل قدرته الكبيرة على تسديد التزاماته. وشدّد على ضرورة أن تركز الحكومة الفرنسية استثماراتها في مشروعات تنموية طويلة المدى، بدلًا من الاعتماد على تغطية النفقات الجارية التي لا تضيف قيمة حقيقية للنمو الاقتصادي.
الاتحاد الأوروبي كضامن للاستقرار
كما تناول بودن الدور المحوري للاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي في دعم فرنسا، مبينًا أن هذه المؤسسات تمثل ضمانًا إضافيًا لاستقرار أسواق المال ، وأشار إلى أن البنك المركزي الأوروبي يمتلك نسبة كبيرة من الدين الخارجي الفرنسي، مما يمنحه القدرة على التفاوض بشأن جداول السداد وتخفيف الضغوط المالية على باريس.
رؤية مستقبلية
وفي ختام حديثه، شدّد بودن على أن الحفاظ على التوازن بين الاستقرار السياسي والإصلاح الاقتصادي يعد أولوية قصوى للحكومة الفرنسية في المرحلة المقبلة. وأكد أن أي اهتزاز إضافي في المشهد السياسي قد يؤدي إلى فقدان المزيد من ثقة المستثمرين، وهو ما يضع الاقتصاد الفرنسي أمام تحديات جسيمة في السنوات المقبلة.