عاجل

كيفية اهتمام الشريعة الإسلامية بالأنشطة البدنية والألعاب الرياضية للأطفال؟

الاطفال
الاطفال

حثت الشريعة الإسلامية على تأديب الأطفال وتعليمهم الرياضات النافعة والأنشطة المهمّة التي تظهر ميولاتهم الفكرية وتكشف عن مكنوناتهم العاطفية والاجتماعية، ممَّا يؤسّس للنشاط البدني عند الطفل، فيستطيع أن يقوم بدورٍ إيجابي في خدمة دينه ومجتمعه؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ، وَالْمَرْأَةَ الْمِغْزَلَ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".

وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنهما: "أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمُ الْعَوْمَ، وَمُقَاتِلَتَكُمُ الرَّمْيَ" أخرجه الإمام أحمد في "المُسند"، وابن حبَّان في "الصحيح".

وجاء أيضًا عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَدخلُ علينا، ولي أخٌ صغير يُكنى أبا عُميرٍ، وكان له نُغَرٌ يلعبُ به فمات، فدَخَلَ عليه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذاتَ يومٍ فرآه حزينًا، فقال: «مَا شَأْنُهُ؟» قالوا: مات نُغَرُه، فقال: «يَا أبَا عُمَيرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟» متَّفقٌ عليه. والنُّغَرُ: البلبل.

وقد وقف العلماء مع هذا الحديث كثيرًا مستخرجين منه الفوائد والأحكام، حتَّى أوصلها بعضهم إلى ما يزيد على ثلاثمائة فائدة؛ بل وأفردها بعضهم بالتأليف، ممَّا يدل على تشجيع الطفل والترخص له في ممارسة بعض الألعاب بما تحصل به لذته وتشبع غريزته؛ قال الإمام ابن القاصِّ الشافعي في "فوائد حديث أبي عمير": [وفيه دليلٌ على الرخصة للوالدين في تخلية الصبي وما يروم من اللعب إذا لم يكن من دواعي الفجور.. وفيه دليلٌ على أنَّ إنفاق المال في ملاعب الصبيان ليس من أكل المال بالباطل إذا لم يكن من الملاهي المنهية] . 

هل يجوز اصطحاب الأطفال إلى المسجد؟

سؤال يتردد كثيرًا على ألسنة المصلين والآباء، خصوصًا مع تكرار مشاهد الإزعاج أو العبث داخل بيوت الله من بعض الأطفال. وبين الحرص على التربية الدينية منذ الصغر، والخشية من الإخلال بحرمة المكان، الحكم الشرعي هو الفاصل وفي هذا السياق أجابت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز شرعًا اصطحاب الأطفال إلى المساجد ما دام لا يترتب على وجودهم فيها إزعاج للمصلين أو عبث بمرافق المسجد، بل إن في ذلك تربية لهم على أداء الصلاة، وتعودًا على الأجواء الإيمانية منذ الصغر، مما يُسهم في غرس القيم الدينية في نفوسهم

حكم اصطحاب الأطفال إلى المسجد

لا حرج في الشريعة الإسلامية من اصطحاب الأطفال إلى المساجد، بل يُعد ذلك أمرًا مستحبًّا خاصة إذا كانوا في سن التمييز؛ لما فيه من تعويد لهم على أداء الصلاة، وتنشئة على محبة بيوت الله تعالى وأجواء العبادة الجماعية، مما يرسخ في نفوسهم الارتباط الروحي بالمسجد منذ الصغر، ليصبح جزءًا من تكوينهم التربوي والديني.
ويُشترط في ذلك أن يُعلَّم الطفل احترام المسجد وآدابه، مع توجيهه بلين ورفق للابتعاد عن إزعاج المصلين أو العبث بمرافق المسجد، وأن يُراعى في التعامل معه الحلم وسعة الصدر، بعيدًا عن الشدة أو الزجر؛ لأن المعاملة العنيفة قد تُحدث أثرًا نفسيًّا سلبيًّا في الطفل، تجعله ينفر من المسجد بدلًا من أن يُحبّه ويتعلق به.
وقد بيَّن النبي ﷺ فضل التعلّق بالمساجد في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله، ومنهم “رجل قلبه معلق بالمساجد”، والمطلوب أن نُنشئ أبناءنا على هذا المعنى النبيل، فيرتبطوا بدُور العبادة ارتباطًا وجدانيًّا وروحيًّا.

أدلة العلماء على جواز إحضار الأطفال إلى المساجد

استدل الفقهاء على جواز إحضار الأطفال إلى المساجد بما ثبت في السنة النبوية، ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن الصحابي أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ كان يصلي وهو يحمل أُمامة بنت زينب بنت رسول الله ﷺ.
قال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (1/592): “وقد استُدل بهذا الحديث على جواز إدخال الصبيان إلى المساجد”.

ومن الأحاديث الدالة أيضًا ما رواه أحمد وأصحاب السنن عن بريدة رضي الله عنه، أن النبي ﷺ كان يخطب، فدخل الحسن والحسين رضي الله عنهما وهما صغيران، يمشيان ويتعثران في ثيابهما، فنزل النبي ﷺ من على المنبر، وحملهما، ثم قال: «صدق الله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: 15]؛ إني لما رأيت هذين الغلامين يمشيان ويتعثران لم أصبر حتى نزلت إليهما».

 

ومن خلال هذه الأحاديث وغيرها، ذهب العلماء إلى مشروعية اصطحاب الأطفال للمساجد، بشرط أن يكونوا منضبطين في سلوكهم أو يُمكن توجيههم لذلك، وإن وُجد عبث من أحدهم، فيكون التنبيه والنهي بأسلوب لطيف رحيم، لا ينفّرهم ولا يسيء إلى علاقتهم ببيوت الله

تم نسخ الرابط