عاجل

مسارات معقدة.. كيف يرسم واقع الحرب مستقبل السودان؟

السودان
السودان

كان للإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك في أكتوبر 2021 بالغ الأثر على مستقبل الدولة السودانية، التي لم تستطع إكمال التحول المدني الديموقراطي، حتى في ظل وجود خطة مدعومة دوليًا تستهدف إقناع بعملية سياسية سلسة لتسليم السلطة للمدنيين. وبدأت بوادر الأزمة الحالية بالسودان تتضح شيئًا فشيئًا من خلال اختلاف كل من الجيش السودان و”قوات الدعم السريع” حول كيفية دمج الأخيرة في صفوف الجيش السوداني، مع الوضع في الاعتبار الخلاف حول كيفية التعامل مع الثروات والمقدرات السودانية الواقعة تحت أيدي “الدعم”.

ووفقًا لمركز رع للدراسات الاستراتيجية، بدأ القتال بين الجيش السوداني تحت قيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وبين ميليشيا “الدعم السريع” تحت قيادة محمد حمدان دقلو في 15 أبريل 2023 بالعاصمة السودانية الخرطوم، ثم انتقل فيما بعد إلى كافة الأراضي السودانية، لاسيما إقليم دارفور. وكان للحرب بالغ الأثر على الدولة نتيجة لما أفرزته من تداعيات سياسية واقتصادية على الداخل السوداني، والذي ظهر بشكل واضح من خلال توقف الإنتاج في عدد من القطاعات الحيوية بالدولة وما صاحبه من ارتفاع الأسعار بشكل حاد، لا سيما المواد الغذائية. ومن جانب آخر، يمكن إدراك الانعكاسات السياسية للحرب بين الجيش السوداني و”الدعم السريع” من خلال حالة الانقسام التي سادت القوى السياسية المُختلفة بخصوص التوجه نحو دعم أحد طرفي الصراع على حساب الآخر، إضافة لما أفرزته الحرب من تعزيز للفكر القبلي والجهوي وإضعاف صورة الدولة ككيان يمكن الاعتماد عليه ليحل محل كافة الانتماءات الأخرى.

 وفي ظل المحاولات المستمرة لإنهاء الحرب الحالية سواء من خلال الجهود الأممية أو محاولة أي من الطرفين تحقيق انتصار حاسم على الأرض، يتطرق التحليل إلى الوضع الراهن في السودان في ظل وجود رابحين وخاسرين من الحرب، إضافة إلى النظر في مستقبل الدولة الذي يواجه حرب لا تزال تفتك بمواطنيه.

المشهد الراهن

يواجه المشهد السوداني حالة من التعقيد ناتجة عن وجود كثير من القوى ذات النفوذ بالدولة، وهو ما يمكن استعراضه على النحو التالي.

(*) الجيش والميلشيا: يأتي الجيش السوداني وميليشيا “الدعم السريع” كطرفين مباشرين في الحرب الجارية بالسودان، والتي شهدت نجاح للقوات المسلحة السودانية في السيطرة على كثير من المناطق التي سيطر “الدعم السريع” عليها في الأشهر الأولى للحرب؛ وأبرزها تمكن الجيش السوداني من إخلاء الخرطوم من أي تواجد لميليشيا “الدعم السريع” في الآونة الأخيرة، إضافة إلى تحرير مناطق أخرى مثل ولاية النيل الأبيض ومعظم ولاية سنار. وتستعين القوات المسلحة السودانية منذ بداية الحرب بمجموعة من الحركات المسلحة المُتحالفة مع الجيش والتي سبق وأن وقعت على اتفاق جوبا مثل حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم وجيش تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، علاوة على اعتماد الجيش على مجموعة من التنظيمات الجهادية مثل لواء البراء بن مالك، وكتيبة البرق الخاطف بهدف تكثيف الضغط الميداني على عناصر الميليشيا.

وعلى الجانب الآخر، لا تزال ميليشيا “الدعم السريع” تحاول الحفاظ على ما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرتها مثل ولايات الوسط والجنوب والشرق والغرب بإقليم دارفور وأجزاء من وسط إقليم كردفان على الرغم من خسارة عدة مناطق لصالح الجيش السوداني في الآونة الأخيرة. وحاولت الميليشيا الخاضعة لقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) تصعيد الارتباك بالمشهد السوداني من خلال التوجه نحو إنشاء حكومة موازية بالمناطق الخاضعة لسيطرتها على غرار الحكومة الموجودة في بورتسودان، مما نتج عنه تعزيز الانقسام بالشارع السوداني، ولا سيما بين القوى السياسية التي انقسمت بين مؤيد ومعارض لتلك الخطوة.

(*) القوى السياسية: ألقت الحرب بظلالها على الحركات والقوى السياسية بدولة السودان، نتيجة للانقسام الحاد بين الجميع على كثير من النقاط الخلافية. ويمكن النظر إلى تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية بالسودان (تقدم) كدليل واضح على ما يدور في الواقع السوداني من انقسامات، حيث واجهت التنسيقية التي تضم كثير من الأحزاب السياسية إضافة إلى منظمات المجتمع المدني وبعض من الحركات المسلحة، الانقسام على إثر الخلاف حول تشكيل حكومة موازية بالمناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع. ويُذكر أن تنسيقية تقدم أُنشئت بمايو 2024 وتفككت إلى حركتين منفصلتين وهما “صمود” وتحالف “تأسيس” الداعم للحكومة الموازية نتيجة لذلك الخلاف في يناير 2025. 

 ولا يمكن النظر إلى الانقسام السريع بتنسيقية تقدم إلا في ضوء الواقع السوداني الذي يفرض على الجميع اصطفافات تؤدي إلى التوجه نحو تصعيد الأزمات الداخلية. وبالعودة إلى الخلف، يمكن رؤية ما شهدته قوى الحرية والتغيير السودانية من انقسام بعد الإطاحة بالبشير كدليل واضح على عدم وجود مسار موحد يمكن أن تسير فيه القوى السياسية بالسودان، حيث واجه ذلك الائتلاف المدني الانقسام حتى من قبل بداية الحرب بين الجيش السوداني و”الدعم السريع” إلى “قحت المركزي” و”قحت الوطني”، مما أدى بدوره إلى تحجيم دور التكتل ككل، لا سيما بعد اشتعال الحرب في 15 أبريل 2023، والذي كان واضحًا من خلال دورها غير الفعال في استخراج حلول تستهدف خلق مسارات تؤدي لحلحلة الأزمة السودانية.

بينما تواجه الدولة السودانية تحديات دائمة بالانقسام على غرار ما حدث بالجنوب، لا تزال الأحزاب السياسية غير قادرة على أن تسير في ركاب الديموقراطية والتحرر من القيود الجامدة التي تدور في فلكها في النهاية نحو الانقسام والتشرذم. وبالنظر إلى حزب الأمة القومي باعتباره أحد دعائم الحياة السياسية بالسودان، ومنبر للحركات الوطنية التي دائمًا ما تطالب بسودان أفضل مما هو موجود، يمكننا أن نرى انعكاس الحرب من خلال الانقسام الحاد الذي يواجه أبناء الحزب، لاسيما تحت قيادة فضل الله بورما ناصر. عانى حزب الأمة القومي من خلاف حول فكرة دعم الحكومة الموازية التي سعت ميليشيا “الدعم السريع” لإنشائها من قبل، حيث توجه قائد الحزب نحو التأييد العلني، بينما تعالت الأصوات الداخلية التي طالبت بضرورة الرفض وعدم الانخداع نتيجة لما يمكن أن يؤديه ذلك إلى انقسام بالشارع السوداني، حتى وصل الأمر إلى إقالة فضل الله برمه ناصر قبل عودته من جديد إلى الحزب الذي يحتضن اضطراب سياسي حاد لا يمكن السيطرة عليه.

(*) الظهير الديني والسياسي: تتسع رقعة الحرب الدائرة بالسودان شيئًا فشيئًا بالتوازي مع التصعيد الدائم بين الجيش الوطني و”الدعم السريع”. وتحاول قوى أخرى الدخول بهدف تحقيق مكاسب على الأرض والدخول في أي عملية تفاوض مستقبلية، ومن هنا يمكن النظر إلى الإسلاميين كتنظيمات عسكرية تستهدف إحداث انتصار حاسم بجانب الجيش السوداني بهدف تحجيم الأصوات التي تنادي بعلمانية الدولة وإقصاء تلك التيارات (الإسلامية) بالكلية من العملية السياسية، ومواجهة القوى الداعمة أيضًا لميليشيا الدعم السريع. ويُعد لواء البراء بن مالك هو اللاعب الأبرز بين مختلف الفصائل الجهادية، نتيجة للمشاركات الميدانية ذات التأثير الكبير في الحرب الجارية، إضافة إلى الظهور الدائم والمكثف على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف إظهار التفوق الميداني على حساب ميليشيا الدعم السريع قبل أن يعلن ذلك الفصيل تعليق العمل العسكري والتحول إلى العمل المدني.

وعلى الجانب الآخر، تحظى ميليشيا “الدعم السريع” بتأييد قبلي في مناطق بإقليم دارفور، لا سيما من القبائل العربية التي خرج منها قادة الميليشيا مثل الرزيقات بدارفور، وذلك على الرغم من إعلان بعض القبائل التي تربطها صلات قبلية وثيقة بالميليشيا البراءة منها والانحياز للجيش السوداني مثلما فعل وفد التنسيقية العليا بشمال الرزيقات شرق دارفور. كما تُؤيد قوات “الدعم السريع” كل من الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال (جناح عبد العزيز الحلو) الموجودة بدارفور.

حسابات الربح والخسارة

أفرزت الحرب الجارية بالداخل السوداني في الفترة الحالية أطراف مستفيدة وأيضًا خاسرة، وهو ما يمكن استعراضه في السطور الآتية:

(&) القوى المستفيدة: كان الجيش السوداني هو الآخر أبرز المستفيدين من الحرب الجارية في السودان كنتيجة مباشرة لما حققه من انتصار على الأراضي السودانية ضد ميليشيا “الدعم السريع” في الفترة الأخيرة رغم الانتكاسات نظرًا للتفوق العددي للميليشيا في الأيام والأشهر الأولى للحرب. ويتضح ذلك بشكل كبير من خلال استعادة كثير من الأراضي التي استولت عليها “الدعم السريع” كنتيجة للهجمات التي شنتها في بداية الحرب. وما يمكن أن يساهم به ذلك من وضع الجيش كطرف أول على طاولة المفاوضات التي لن تخل من كثير من المكتسبات للجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان. إضافة إلى ذلك، استطاع الجيش السوداني تحت قيادة البرهان الدخول في تحالفات دولية وإقليمية استهدفت استعادة الدعم لوحدة الدولة السودانية وتعزيز فرص انتصار الجيش بالحرب الجارية نتيجة لاعتباره الضامن الوحيد لسودان موحد في ظل ما تعانيه الدولة من انقسام.

وتأتي الفصائل التابعة للتيار الإسلامي الموجودة بالسودان على قائمة المستفيدين من الحرب الحالية، نتيجة لما أفرزته من حاجة الجيش السوداني لدعم ميداني في مواجهة “الدعم السريع”. ومن خلال النظر في لواء البراء بن مالك كحالة يمكن تطبيقها على جميع الفصائل الإسلامية، يمكن رؤية التوجه نحو الدعم المطلق بهدف تحجيم قدرات “الدعم السريع” وداعميه بالداخل السوداني، لا سيما القوى السياسية التي تنادي بعلمانية الدولة وضرورة إبعاد الحركة الإسلامية ونظام الإنقاذ عن الحياة السياسية بعد ثورة ديسمبر 2019، نتيجة لما أفرزته تجربة حكم البشير من إخفاقات جعلت السودان جريح إلى يومنا هذا. ومن جانب آخر، خلقت الحرب فرصة مثالية للإخوان للدخول في أي تسوية سياسية جديدة، لا سيما إن خرج الجيش السوداني منتصرًا في حربه ضد ميليشيا “الدعم السريع”.

(&) القوى المتضررة: في واقع الأمر، لا يمكن التفكير في أي حرب دون النظر لحجم الخسائر التي من المؤكد أن تأتي تبعًا لها. وفي حرب السودان أو ما يمكن الإشارة له بحرب الكل ضد الكل، تتعدد الأطراف الخاسرة بل تتنوع أيضًا بين حركات مسلحة وجدت نفسها تحيد عن المسار التي خُلقت لأجله، وقوى سياسية لا تعرف طوال الحرب إلا لغة الانقسام والتشرذم، ومواطن سوداني يواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة. وفي دارفور، يمكننا رؤية الحركات المسلحة (على الجانبين) التي لا تزال مُحاصرة نتيجة للنفوذ الكبير لـ”الدعم السريع” بتلك المناطق في موقف شديد الحرج.

ويمكن الاستدلال بتصريحات مني أركو مناوي الداعم بشدة للجيش السوداني كدليل على الضغط المفرط الذي تواجهه الحركة الأكبر في دارفور (حركة تحرير السودان)، والذي أشار خلاله إلى عدم ممانعته التواصل مع “الدعم السريع” والتحالف المدني الديموقراطي “صمود” كدليل واضح على محاولة الحركات الموجودة بدارفور إيجاد مخرج جديد في ظل عدم قدرة الجيش السوداني على تغيير الوضع الحالي بتلك المنطقة والضغط المتواصل من قبل الميليشيا على مدينة الفاشر لاستكمال السيطرة بصورة كبيرة على إقليم دارفور بإسقاط آخر عاصمة في الإقليم. إضافة إلى ذلك، انقسمت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال (جناح مالك عقار) إلى طرفين أولهما تحت قيادة مالك عقار، وثانيهما تحت قيادة ياسر عرمان كنتيجة مباشرة للخلاف حول درجة الانخراط مع المؤسسة العسكرية تحت قيادة الفريق أول البرهان، لا سيما بعد اختيار مالك عقار ليحل نائبًا لرئيس مجلس السيادة محل محمد حمدان دقلو.

وفي خضم الحديث عن الانقسامات لا يمكن تجاهل انقسام حركة تأسيسية تقدم بعد فترة وجيزة من إنشائها نتيجة للخلاف حول درجة الحياد المطلوبة في فترة الحرب بين الجيش و”الدعم السريع”، وذلك على الرغم من وجودها في الأساس كطرف محايد يستهدف حلحلة الأزمة الجارية. إضافة إلى ذلك، عمقت الحرب أيضًا من الانقسامات التي كانت موجودة من قبل مثلما هو الحال في الانقسام الموجود بين “قحت المجلس المركزي”، والتوافق الوطني التي باتت الكتلة الديمقراطية، والذي أدى بدوره إلى جعل كليهما يلعب دور هامشي في حرب كانت ولا تزالت تحتاج إلى ترابط كافة الجهود.

وأما عن المواطن السوداني، فلا يمكن اعتبار إلا أنه الخاسر الأول والأخير من تلك الحرب التي نتج عنها نزوح ما يزيد عن 10 ملايين مواطن داخل السودان، وأكثر من مليوني مواطن إلى الدول المجاورة، إضافة إلى مواجهة المواطن السوداني أزمات شديدة في قطاعي الصحة والغذاء بعدما أدت هجمات ميليشيا “الدعم السريع” إلى تدمير البنية التحتية بالدولة السودانية.

السيناريوهات المحتملة

في ظل الاضطراب الشديد الذي يعيشه الواقع السوداني حاليًا من المُتوقع أن يُنتج ذلك أفاق مختلفة قد تسير بها الأزمة الحالية، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي.

(#) الحسم العسكري: في ظل ما تشهده الساحة السودانية من تفوق للجيش وداعميه مقابل ميليشيا “الدعم السريع”، يمكن أن يزيح الوضع الراهن الستار حول انتصار الجيش السوداني تحت قيادة البرهان من خلال توسيع رقعة مساحة النفوذ تدريجيًا حتى إخضاع كامل دارفور تحت سيطرته وما ينتج عن ذلك من استسلام لقوى “الدعم السريع” أو على الأقل وجودها في موقف شديد الضعف إن قورنت بالجيش السوداني المُحقق لانتصارات ميدانية تمكنه من استعادة السيطرة على كامل التراب السوداني. وبالتالي يمكن أن يُنتج ذلك تعزيز نفوذ ليس فقط الجيش السوداني وقائده عبد الفتاح البرهان، وإنما أيضًا جميع القوى السياسية الموالية له، إضافة إلى ما سيؤديه ذلك إلى إعادة تموضع الحركة الإسلامية في المشهد السوداني من جديد بعدما واجهوا حالة من التهميش منذ الإطاحة بحكم عمر البشير.

ومن جانب آخر، ستواجه ميليشيا “الدعم السريع” مسار مظلم ينتهي في آخر المطاف إما بالتفكك أو الاندماج التدريجي ضمن الجيش السوداني بوتيرة أسرع تستهدف إنهاء وجود الميلشيا على المدى البعيد. وفيما يخص القوى المدنية التي طالما نادت بعلمانية الدولة، ورفضها وجود الجيش السوداني كقوة ذات نفوذ، فمن المُتوقع أن تواجه إزاحة عن المشهد السياسي أو أن تواكب على الأقل تطورات النظام الناتج عن الحرب.

(#) ترسيخ الوضع الراهن: على الرغم من تحقيق الجيش السوداني انتصارات ميدانية طوال الفترة الماضية إلا أن الناظر في الواقع السوداني يرى أنه من الصعب التكهن بقدرة الجيش على حسم ما تبقى من معارك أمام “الدعم السريع” الذي يمتلك قدرة على مواصلة تجنيد مرتزقة من خارج البلاد، أو على بقاء التحالفات الحالية والتي هي في الواقع داعم رئيسي للجيش ومصدر القوة الأساسي، وذلك لما يعرفه الواقع السوداني من تشرذم وتقسيم دائم حتى بين القوى السياسية التي كانت على الحياد بين الطرفين. علاوة على ذلك، لا يزال إقليم دارفور وهو من أهم أقاليم السودان خاضعًا تحت سيطرة الدعم السريع باستثناء الفاشر الواقعة حاليًا تحت الحصار، وبالمثل إقليم كردفان الذي يشهد هو الآخر تواجدًا لعناصر الميليشيا.

وبناءًا على ما يشهده السودان دائمًا من انقسامات وعنف متجذر يدرك الاستمرار لفترات زمنية طويلة، قد يبقى الوضع كما هو عليه من حيث استمرار الحرب دون منتصر أو مهزوم ومرورها بفترات تتأرجح فيها الكفة لصالح أحد الطرفين دون أن يجد جديد يمكن أن يؤدي لحلحلة الأزمة وإنهاء الصراع وما ينتج عن ذلك من عودة للنازحين إلى ديارهم التي تركوها خلال الحرب التي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، وهو ما يهدد باستمرار خطر سيناريو التقسيم.

وختامًا؛ كان توجه ميليشيا “الدعم السريع” نحو إنشاء حكومة موازية مقرها دارفور أبرز الدلائل على ما تعانيه الدولة من انقسام، ولا سيما مع وجود داعمين داخليين وخارجيين، وفي ظل ما تواجهه الدولة من عدم قدرة على الحسم حتى هذه اللحظة والذي قد يستمر لفترات لاحقة، قد يخرج حل سوداني- سوداني يستهدف وقف القتال بين الطرفين مع إبقاء الوضع كما هو عليه لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية. ومن المتوقع ألا تستطيع “الحكومة الموازية” بدارفور من خلق نظام ديموقراطي حقيقي يُمكن القوى السياسية من رؤية سودان جديد كما هو مطلوب نظرًا لعدم وجود مشروع سياسي واضح لتلك الحكومة ولما تعانيه القوى السياسية السودانية من خلافات حادة وانقسامات دائمة تنتهي دائمًا بخلق حالة من عدم الاستقرار والذي لُوحظ من قبل من خلال انقسام خلال السنوات الخمس الماضية.

تم نسخ الرابط