عاجل

الإيجارات تحاصر المصطافين.. رأس البر بين شكاوى الأهالي وإقبال الزوار

رأس البر
رأس البر

مع حلول صيف 2025، تحولت مدينة رأس البر بمحافظة دمياط، من مصيف شعبي اعتاد المصريون قصدَه بتكاليف محدودة، إلى وجهة سياحية باتت الإقامة فيها عبئًا ثقيلًا على ميزانيات كثير من الأسر.

فرغم أن المدينة ما زالت تحتفظ بسحرها الخاص حيث يلتقي النيل بالبحر، إلا أن القفزات الكبيرة في أسعار الإيجارات هذا العام جعلت كثيرين يعيدون حساباتهم قبل اتخاذ قرار السفر إليها.

أسعار ترتفع بلا توقف

شهدت الإيجارات في رأس البر زيادة تقارب 50% عن العام الماضي. الشقق القريبة من البحر أو ذات الإطلالة المميزة بدأت أسعارها من 800 جنيه لليوم، بينما الوحدات البعيدة قليلًا تبدأ من 600 جنيه، لترتفع في عطلات نهاية الأسبوع إلى ما يتجاوز 1200 جنيه أحيانًا.

وفى هذا الصدد يقول عم مصطفى، أحد السماسرة المحليين: “الموسم السنة دي مولع، والناس بتحجز من بدري، في شقق اتخطفت من شهر رمضان، أي وحدة قريبة من الكورنيش أو مجهزة بتكييفات بتخلص فورًا، واللي تجهيزها بسيط برضه مطلوب عشان الناس عايزة أي مكان بأسعار أهون."

الأهالي بين الرضا والشكوى

أهالي دمياط ورأس البر أنفسهم يرون أن المدينة تغيّرت. الحاج عبد الرحمن، صاحب مقهى قديم بالمنطقة، يقول:
"زمان كان المصيف بتاع الغلابة، أي أسرة بسيطة تيجي تستمتع يومين تلاتة. دلوقتي بقى صعب.. حتى ابن البلد لو عايز يأجر شقة لأهله مش هيقدر."

أما سماح عبد الوهاب، سيدة جاءت من المنصورة مع أسرتها، فتوضح:
"إحنا متعودين نيجي رأس البر كل سنة، بس المرة دي الأسعار صدمتنا. كنا بندفع 4000 جنيه في الأسبوع، دلوقتي بندفع 7 آلاف لنفس الشقة.

ورغم الغلاء، ما زالت رأس البر تحافظ على جاذبيتها. مشهد اللسان، حيث يلتقي النيل بالبحر، يجذب آلاف الزوار يوميًا. وعلى شاطئها الممتد، تنتشر الأسر منذ الصباح الباكر، بينما تمتلئ المقاهي والمطاعم مساءً برواد يبحثون عن نسمة هواء باردة أو طبق "رز بلبن دمياطي" الذي لا يخلو منه أي مصيف في المدينة.

يؤكد محمود الشربيني، شاب دمياطي يعمل في محل حلوى: “الناس مهما اشتكوا من الأسعار، بييجوا عشان رأس البر مختلفة، مفيش مدينة تانية فيها منظر النيل وهو داخل البحر. الرز بلبن هنا كمان له طعم تاني، بيبقى جزء من الطقس الصيفي للزوار”.

كثير من الأسر تلجأ إلى حلول وسط، مثل تأجير الشقق لمدد قصيرة لا تتجاوز 3 أو 4 أيام بدلًا من أسبوع كامل، أو المشاركة مع عائلات أخرى لتقليل التكلفة. لكن هذا لم يمنع شعور البعض بأن المصيف لم يعد متاحًا للجميع كما كان.

تقول هبة من المحلة، وهي أم لثلاثة أطفال:
"جينا 4 أيام بس، مش قادرين نكمل أسبوع. الأطفال مبسوطين بالبحر، بس الميزانية ما تسمحش. لو الدولة وفرت شقق مصيفية بأسعار رمزية زي زمان، كان الحال يبقى أهون."

بين الذكريات والواقع

يبقى رأس البر رمزًا صيفيًا فريدًا ارتبط بذكريات أجيال، لكن موجة الأسعار الجديدة جعلت هذا الرمز بعيدًا عن متناول كثيرين. وبينما يستمر بعض المصطافين في التمسك به مهما كلفهم، يتجه آخرون للبحث عن بدائل أرخص، تاركين علامة استفهام حول مستقبل المدينة كمصيف شعبي في وجدان المصريين.

تم نسخ الرابط