مراوغات نتنياهو السياسية: هل تنجح إسرائيل في موازنة القوة والدبلوماسية في غزة؟

يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع إطلاق تصريحات متباينة بشأن الوضع في قطاع غزة، تجمع بين تهديدات بشن هجوم عسكري شامل واستئناف المحادثات مع حركة حماس بشأن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار، في خطوة تترك كل الاحتمالات مفتوحة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
وفي فيديو قصير نشره الخميس الماضي، وصف نتنياهو الوضع بأنه "لحظة حاسمة" لإسرائيل، مؤكداً موافقته على خطط للسيطرة العسكرية على مدينة غزة بهدف توجيه ضربة قاصمة لحركة حماس.
وفي ذات الوقت، أعلن بدء مفاوضات تهدف إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى الحركة، وإنهاء الحرب "بشروط مقبولة من إسرائيل"، في محاولة لتقديم صورة متوازنة بين القوة العسكرية والبحث عن حلول دبلوماسية.
تأتي هذه التصريحات بعد زيارة ثانية لنتنياهو خلال أيام قليلة إلى قاعدة عسكرية جنوب إسرائيل، حيث تفقد استعدادات القوات للتحرك في حال صدور أوامر الهجوم على غزة.
ويعكس هذا الموقف استراتيجيات معتادة لنتنياهو في المراوغة السياسية، حيث يوازن بين الإجراءات العسكرية والتفاوض السياسي، بحسب ما أوضح موقع "المونيتور" الذي أشار إلى أن نتنياهو يعتمد على دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سياق موقفه الراهن.
خطة شن هجوم شامل على غزة
من جهة أخرى، صادق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي في 8 أغسطس الجاري على خطة شن هجوم شامل على مدينة غزة، التي تعد معقل حركة حماس الرئيسي.
وقد قوبل هذا القرار بإدانات دولية واسعة، وسط حالة من الغموض حول توقيت ومدة العملية العسكرية التي قد تستغرق أسابيع بحسب الجيش الإسرائيلي، الذي أعلن استدعاء نحو 60 ألف جندي احتياطي للمشاركة في السيطرة على المدينة.
التصعيد العسكري
وفي سياق التصعيد العسكري، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية وقصفها المدفعي على الأحياء المحيطة بغزة، في محاولة لإضعاف قدرات حماس. وأفادت تقارير استخباراتية بأن الحركة تسعى لإعادة بناء شبكة أنفاق دمرتها إسرائيل في العام الماضي، بالإضافة إلى اكتشاف أنفاق جديدة تشكل تهديداً أمنياً كبيراً.
وأكد مصدر عسكري رفيع لموقع "المونيتور" أن مدينة غزة، التي يقطنها نحو مليون نسمة، تضم بقايا قوات وقيادة حماس، إضافة إلى أحياء لم تتضرر بالكامل، مما يزيد من تعقيد المهمة العسكرية الإسرائيلية التي قد تواجه خسائر بشرية في صفوف جيشها.
في الوقت نفسه، حذر قادة عسكريون إسرائيليون من أن الهجوم قد يعرض حياة نحو 20 رهينة إسرائيليًا يُعتقد أنهم محتجزون داخل شبكة الأنفاق التابعة لحماس، ما يزيد من حساسية العملية ويضع تحديات إنسانية إضافية.
تظل المواقف السياسية والميدانية متشابكة في ظل استمرار الحرب المستمرة منذ 22 شهراً بين الطرفين، وسط ضغوط دولية متزايدة للحيلولة دون تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، ما يجعل أي خطوة مستقبلية تحمل في طياتها مخاطر وتحديات على جميع الأصعدة.