معنى حديث «أفلح وأبيه إن صدق».. هل أقسم بها العرب؟

أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إليها حول المراد من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أفلح وأبيه إِن صدق»، وهل المقصود منه الحلف؟ موضحة أن هذا اللفظ ورد في عدة روايات صحيحة، وليس المقصود منه القسم كما قد يتوهم البعض.
نص الحديث ورواياته
أوضحت الفتوى أن الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه في قصة الرجل النجدي الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإسلام، فقال له النبي في ختام كلامه: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ» أو «دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ».
كما وردت صيغ مشابهة في روايات أخرى، منها ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا سأله عن أفضل الصدقات، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهْ؛ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ...» الحديث.
وروى ابن ماجه عن أبي هريرة أيضًا في حديث «أحق الناس بحسن الصحبة»، فقال النبي: «نَعَمْ وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ؛ أُمُّكَ...».
أقوال العلماء في معنى «وأبيه»
أكدت دار الإفتاء أن العلماء وضحوا المقصود من هذا اللفظ، حيث قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم إن العبارة ليست قسمًا، وإنما هي كلمة جرت عادة العرب على إدخالها في كلامهم للتأكيد، دون قصد الحلف. والنهي الوارد عن الحلف بغير الله إنما يتعلق بمن يقصد حقيقة الحلف، لأنه يتضمن تعظيمًا للمحلوف به ومضاهاة بالله تعالى.
كلمة للتقرير والتأكيد
وأوردت الفتوى قول الإمام البيضاوي الذي نقل عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أن هذا اللفظ من زيادات الكلام التي تأتي لمجرد التقرير والتوكيد، ولا يُراد بها القسم، تمامًا كما قد تُزاد صيغة النداء في الكلام لمجرد الاختصاص لا بقصد النداء.
الخلاصة الشرعية
خلصت دار الإفتاء إلى أن عبارة «وأبيه» في الحديث الشريف لا تُعد حلفًا، وإنما أسلوب عربي فصيح جرى على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما يوافق لغة قومه، وهو من باب العادات اللفظية التي لا تُحمل على معناها الظاهري. وبالتالي، فالنهي عن الحلف بغير الله لا يشمل هذه الصيغة ولا يُعارض ورودها في الأحاديث الصحيحة.