عاجل

الإيمان والاحتساب .. مفتاح القبول والمغفرة في رمضان

من صام رمضان ايمانا
من صام رمضان ايمانا واحتسابا

يُعد شهر رمضان، شهر الرحمة والمغفرة، وهو فرصة سنوية للمسلمين لتجديد علاقتهم بالله تعالى، والارتقاء بروحهم من خلال الصيام والعبادات. 

وقد أكّد النبي محمد ﷺ، على أهمية النية الصادقة والهدف السامي من الصيام، حيث قال:" من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه) .. لكن ما المقصود بالإيمان والاحتساب في هذا السياق؟ .. ولماذا جعلهما النبي ﷺ، شرطًا لنيل المغفرة؟.

الإيمان.. ركن أساسي في الصيام

الإيمان في هذا الحديث، يعني أن يكون الصيام نابعًا من قناعة داخلية وإيمان عميق بالله، بحيث يكون الدافع للصيام هو الامتثال لأمر الله، وليس مجرد اتباع للتقاليد أو مجاراةً للعادات الاجتماعية. فالمسلم الذي يصوم إيمانًا، يكون على يقين بأن هذه العبادة فرضها الله لحكمة عظيمة، وأنها جزء من إيمانه وسعيه للارتقاء بروحه.

وقد أكد العلماء أن الصيام يكون صحيحًا ومقبولًا إذا كان بدافع الإيمان بالله، واعتقادًا بوعده ووعيده. فالصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو اختبار للإرادة والتقوى، حيث يترك المسلم شهواته طاعةً لله، وهذا يعكس إيمانه العميق وثقته بربه.

 

الاحتساب.. نية صادقة لوجه الله

أما الاحتساب، فهو ركن آخر في قبول الصيام ونيل الأجر والمغفرة، ويعني أن يصوم المسلم مخلصًا النية لله تعالى، راجيًا الثواب والمغفرة، دون انتظار أي مكافآت دنيوية أو مدح من الناس. فالذي يصوم احتسابًا لا يرى في الصيام عبئًا، بل يجده فرصة للارتقاء بروحه وزيادة حسناته.

ويشير العلماء إلى أن الاحتساب في العبادات يضاعف الأجر، لأن الله سبحانه وتعالى يحب الأعمال التي تؤدى بإخلاص. فكما قال النبي ﷺ:" إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (متفق عليه). ومن هنا، فإن الصيام الذي يؤدى احتسابًا هو الذي يكون خالصًا لوجه الله، بعيدًا عن الرياء أو العادات الاجتماعية.

 

لماذا اشترط النبي ﷺ الإيمان والاحتساب للمغفرة؟ 

إن الجمع بين الإيمان والاحتساب في الصيام يجعل هذه العبادة أكثر عمقًا وتأثيرًا في حياة المسلم. فمن صام إيمانًا واحتسابًا، يكون قد أدّى هذه العبادة بقلب صادق ونية خالصة، فينال بذلك الأجر كاملاً، ويستحق المغفرة التي وعد بها النبي ﷺ.

وقد أوضح العلماء أن المغفرة المقصودة في الحديث تشمل “ما تقدم من الذنوب”، أي الذنوب الصغيرة التي يرتكبها الإنسان، أما الكبائر فتحتاج إلى توبة خاصة. وهذا يدل على أن رمضان فرصة عظيمة لتطهير النفس والبدء من جديد بقلب نقي وروح متجددة.

الصيام بين العادة والعبادة

ويواجه بعض الناس صيام رمضان باعتباره عادة اجتماعية، فيلتزمون به لأن الجميع يفعلون ذلك، وليس بدافع الإيمان العميق أو الاحتساب لله. لكن الفرق بين العادة والعبادة كبير، فالصيام الذي يؤديه الإنسان كعادة لا يحقق الأثر الروحي والتربوي الذي يهدف إليه الإسلام. أما الصيام الذي يُؤدّى إيمانًا واحتسابًا، فيكون له أثر عميق في تهذيب النفس، وتعزيز التقوى، وتطهير القلب من الذنوب.

كيف نجعل صيامنا إيمانًا واحتسابًا؟

لتحقيق هذا المعنى العميق في الصيام، ينبغي على المسلم أن يراجع نيته يوميًا قبل الصيام، فيسأل نفسه: هل أصوم حبًا لله وامتثالًا لأمره؟ .. هل أرجو الأجر والمغفرة من الله؟ .. وهل أبتعد عن المعاصي ليس فقط خلال الصيام ولكن بعده أيضًا؟.

كما يُنصح بالإكثار من الذكر والدعاء، وقراءة القرآن، والحرص على أداء الصلاة في أوقاتها، والابتعاد عن كل ما قد يُنقص أجر الصيام من غيبة أو لغو أو سوء خلق. فالصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو مدرسة روحية تعلم الإنسان الصبر والتقوى والصفاء الداخلي

تم نسخ الرابط