لماذا سُمّيت ليلة القدر بهذا الاسم؟ .. وما سبب إخفائها؟

تُعدّ ليلة القدر من أعظم ليالي السنة، وهي الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم على النبي محمد ﷺ، حيث قال الله تعالى:" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ" (القدر: 1). وقد اختصها الله بفضل عظيم، فجعلها خيرًا من ألف شهر، لكن ما سبب تسميتها بليلة القدر؟.
معاني "القدر" في التسمية
اختلف العلماء في تفسير سبب التسميه، ووردت عدة معان، أبرزها:
1. القدر بمعنى الشرف والعظمة
يُقال إن ليلة القدر سُمّيت بهذا الاسم لأنها ليلة ذات مكانة عظيمة، فهي أفضل الليالي وأعلاها منزلة عند الله. وقد اختارها الله لإنزال كتابه الكريم، كما أن الأعمال الصالحة فيها تعدل عبادة أكثر من 83 عامًا، أي ألف شهر، مما يعكس مكانتها المتميزة في الإسلام.
2. القدر بمعنى التقدير والقضاء
يعتقد بعض العلماء أن التسمية جاءت لأنها الليلة التي يُقدِّر الله فيها ما سيحدث في العام المقبل، من أرزاق، وآجال، وأقدار العباد، وذلك وفقًا لقوله تعالى:" فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ" (الدخان: 4). وهذا يعني أن المقادير التي كتبها الله في اللوح المحفوظ تتنزّل في هذه الليلة لتُنفّذ خلال العام الجديد.
3. القدر بمعنى الضيق
يرى بعض المفسرين أن التسمية تعود إلى أن الأرض تضيق بالملائكة في هذه الليلة لكثرتهم، حيث يتنزلون بأعداد كبيرة بالرحمة والبركة، وهو ما ورد في قوله تعالى:" تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ" (القدر: 4).
4. القدر بمعنى العمل الصالح وقيمته
تشير بعض التفسيرات إلى أن ليلة القدر تحمل معنى علوّ قَدْر العباد الصالحين، حيث ترفع درجاتهم عند الله بسبب أعمالهم الصالحة فيها. فمن قامها إيمانًا واحتسابًا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما ورد في الحديث النبوي الصحيح.
فضل ليلة القدر وأهميتها
ليلة القدر ليست مجرد ليلة عادية، بل هي ليلة استجابة الدعاء، ليلة تتغير فيها الأقدار، وتُمحى الذنوب، ويُعتق العباد من النار. لذلك، يُستحب الاجتهاد فيها بالطاعات، مثل الصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، والدعاء، خاصةً وأن وقتها غير محدد بشكل قاطع، لكنها تقع في العشر الأواخر من رمضان، وترجّح أكثر في الليالي الوترية.
هل ليلة القدر محددة بميعاد؟
لم يُحدّد الله سبحانه وتعالى موعدًا دقيقًا لليلة القدر، لكنها تقع في العشر الأواخر من رمضان، وخاصة في الليالي الوترية (ليالي 21، 23، 25، 27، 29). وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: “تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان” (متفق عليه).
أقوال العلماء في تحديد ليلة القدر
اختلف العلماء في تحديد موعدها الدقيق، ومن أشهر الآراء:
1. ليلة 27 رمضان:
وهو الرأي الأكثر شيوعًا، واستندوا إلى حديث أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه أنه كان يقسم أنها ليلة 27.
2. ليلة 23 أو 25 أو 29:
استدل بعض الصحابة بحديث عبد الله بن أنيس الذي رجح ليلة 23.
3. ليلة غير ثابتة تتنقل بين الليالي الوترية:
وهذا رأي بعض العلماء الذين قالوا إن ليلة القدر قد تختلف كل عام، ليجتهد المسلمون في جميع العشر الأواخر.
لماذا أخفى الله موعدها؟
حكمة الله في إخفاء موعد ليلة القدر هي أن يجتهد المسلم في العبادة طوال العشر الأواخر، وألا يقتصر على ليلة واحدة فقط، فيزداد تقربه من الله بالأعمال الصالحة.
كيف يتحراها المسلم؟
• الاجتهاد في الصلاة والقيام والذكر والدعاء في كل ليالي العشر الأواخر.
• البحث عن علاماتها مثل: طمأنينة القلب، سكون الرياح، وشروق الشمس في صباحها بلا شعاع