لماذا يُنظر للمرأة المدخنة بشكل مختلف عن الرجل؟.. علي جمعة يوضح

أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفتي الجمهورية الأسبق، على سؤال إحدى الفتيات، حول السبب في نظرة المجتمع المختلفة للمرأة المدخنة مقارنة بالرجل.
النساء كانت تدخن الشيشة في القرن التاسع عشر بمصر
وأضاف «جمعة»، عبر «برنامج نور الدين والدنيا»، المذاع على القناة الأولى، أن هذه النظرة مجرد «أعراف اجتماعية»، مشيرا إلى أنه في القرن التاسع عشر بمصر كانت النساء تدخن الشيشة، وكان الإمام الباجوري يذكر أن المرأة إذا كانت تدخن السجائر أو الشيشة، فإن ذلك يعتبر جزءا من نفقتها الواجبة على الزوج، موضحا أن هذه العادة كانت شائعة في تلك الفترة؛ إذ كان تدخين المرأة أمرا مباحا.
وأوضح الدكتور علي جمعة، أنه في هذا الوقت كان الدخان يُعتبر مباحا، لكن مع تطور الأبحاث وانتشار التلوث، بدأ الطب في التأكيد أن الدخان يسبب أمراضا مثل السرطان والموت، ما دفع المشايخ إلى تحريمه في عام 2000، مؤكدا أنه قبل هذا التاريخ كانت هناك كتب تحلل الدخان وأخرى تحرمه.
رأي الشرع في التدخين للرجل والسيدة
وأشار إلى أنه من الناحية الشرعية، إذا كان الدخان حلالا كما ذكر الشيخ الباجوري، فيكون حلالا للطرفين، وإذا كان حراما فيكون محرما على الطرفين، سواء كان الرجل أو المرأة.
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، أن العلم هو الركيزة الأساسية لفهم العبادة في الإسلام، مشيرًا إلى أن الإسلام لم يكن يومًا دينًا منفصلًا عن المعرفة، بل هو دين يقوم على العلم والمنهجية الصحيحة التي ترشد الإنسان إلى عبادة الله حق العبادة.
وفي حديثه خلال بودكاست "مع نور الدين"، المذاع على قناة "الناس"، أوضح جمعة أن العبادة بلا علم قد تؤدي إلى الانحراف أو الغلو، مشددًا على أن طلب العلم واجب على كل مسلم ومسلمة، لأنه السبيل إلى فهم صحيح للدين، والابتعاد عن الخرافات والتفسيرات الخاطئة التي قد تُضل الإنسان عن جوهر العبادة.

طبقات الأمة الإسلامية
وأشار جمعة إلى أن الأمة الإسلامية على مدار تاريخها الطويل أنتجت ثلاث طبقات رئيسية، لكل منها دورها ومكانتها في المجتمع الإسلامي، وهي: طبقة العلماء، وهم الذين تفرغوا لدراسة العلوم الشرعية بدقة؛ طبقة الدعاة، والذين كانوا يُعرفون قديمًا بـ الوعاظ؛ طبقة العُبَّاد، وهم الذين انشغلوا بالذكر والتقرب إلى الله عبر العبادات المختلفة.
وأوضح أن هذه الطبقات كانت تعمل بشكل متكامل، بحيث يؤدي كل منها دوره بما يحقق التوازن داخل المجتمع الإسلامي، لكن في بعض الأزمنة اختلطت الأدوار، مما أدى إلى ظهور مشكلات في فهم الدين، خاصة عندما تصدر غير المتخصصين للفتوى والإرشاد الديني.
العلم منهج وليس معلومات
وفي حديثه عن الفرق بين العالم والمثقف، شدد الدكتور علي جمعة على أن هناك خلطًا شائعًا بين الاثنين، موضحًا أن المثقف هو الشخص الذي يمتلك معلومات متفرقة في مجالات مختلفة، لكنه لا يمتلك منهجية علمية واضحة.العالم هو من يدرس بطريقة منتظمة ومنهجية، حيث يتلقى العلم على أيدي شيوخ أو أساتذة، ويخضع لدورات دراسية وأبحاث واختبارات، ويتدرج أكاديميًا حتى يصل إلى درجة التخصص العميق في مجال معين.
وأشار إلى أن الإسلام حث على طلب العلم بشكل منهجي وليس عشوائيًا، لأن المعلومات وحدها لا تكفي لجعل الإنسان عالمًا، بل تحتاج إلى إطار علمي واضح يضبطها.
الطريق إلى العلم
واستشهد عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، بقول الإمام الشافعي في وصف شروط تحصيل العلم الحقيقي، حيث قال: "ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبلغةٌ وإرشادُ أستاذٍ وطولُ زمانِ".
وشبه الفرق بين العلم الحقيقي والمعلومات السطحية بـ السبحة وحباتها، موضحًا أن العلم مثل المسبحة المنظمة التي تربطها خيوط متينة، بينما المعلومات المتفرقة مثل حبات متناثرة بلا خيط، لا يمكنها أن تشكل معرفة متماسكة دون إطار علمي يربطها.

أساس نهضة الأمم
وأكد على أن العلم ليس مجرد أداة شخصية للفهم، بل هو أساس نهضة الشعوب وقوة الأمم، لافتًا إلى أن الإسلام لم يربط بين العلم والعبادة فقط، بل جعله وسيلة لتقدم المجتمعات، موضحًا أن الإنسان العابد دون علم قد يضل، بينما الإنسان العالم يعبد الله عن وعي وإدراك.
وشدد على ضرورة تحصيل العلم بشكل منهجي ومنظم، بعيدًا عن العشوائية، لأن المعرفة السطحية قد تضلل صاحبها أكثر مما تفيده، بينما العلم الحقيقي هو الذي يجعل الإنسان قادرًا على عبادة الله بفهم ووعي، ويساهم في بناء مجتمع متقدم ومزدهر.