«الأم باب رحمة الله».. موضوع خطبة الجمعة قبل الأخيرة في رمضان اليوم

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم بعنوان: "الأم باب رحمة الله"، لافتة إلى أن الهدف من هذه الخطبة هو توعية الجمهور بفضل ومكانة الأم، ووجوب طلب برها ورضاها، علما بأن الخطبة الثانية تتناول التحذير البالغ من التحرش الإلكتروني.
موضوع خطبة الجمعة اليوم
وقالت الأوقاف في موضوع خطبة الجمعة اليوم إن شهر رمضان موسم البر والمحبة والصلة والقرب، وإذا سألت عن إنسان يستحق أسمى معاني البر وأنقى آيات المحبة، وأعمق مظاهر القرب، فاعلم أنه الأم، مشيرة إلى أن الأم أساس البيوت وروحها، ومصدر أمانها وأنسها، وموطن سكنها وطمأنينتها، تطيب الحياة بوجودها، ويسعد القلب بحنانها، نبعها فياض لا ينضب، وودها زلال لا يجف، الأم وطن لا يفي بحقه جميل الكلمات ولا يؤدي شكرها عظيم التضحيات، وإنما محلها سويداء القلب وكفى به مستقرا وموطنا، ويكفي أن الجناب المعظم صلوات ربي وسلامه عليه جعل برها ولزوم خدمتها ونيل رضاها سبيل الخلود في دار السعادة والنعيم والخلود، حين قال صلى الله عليه وسلم: «الزمها، فإن الجنة عند رجلها».
وتابعت في خطبة الجمعة اليوم: اقدر لأمك الغالية قدرها؛ إنها الدرة السامية واللؤلؤة المصونة، كم من ليال لأجلك سهرت، وكم من هموم عنك أزالت، وكم من دعوات في جوف الليل جعلتها لك، وقد عبر الوحي الشريف عن بعض مكارمها وتضحياتها، فترى القرآن الكريم يوصي ببر الوالدين ويخص حال الأم بمزيد من الإيصاء الذي يدعو إلى زيادة التكريم والإجلال والتبجيل، فقال سبحانه: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا}، وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن}، وها هو الجناب الأنور صلوات ربي وسلامه عليه يوصي ببرها وصية بالغة، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك».
وقالت الأوقاف إن الأم خلقت لتعامل بأسمى معاني الاعتزاز والإكبار، وأغلى مشاعر التقدير والاحترام؛ لمنزلتها العليا ومقامها السامي في مدارج البطولة والتضحية، والصبر وإنكار الذات، والاعتلاء على مشاعر الحزن والألم، ليكن حالك مع أمك ابتسامة حانية، وكلمة راقية، وأيادي ساخية، وخدمة بالغة، تودد وتحنن، وتلطف وتكرم، واعلم أن ذلك كله بعض حقها؛ فإن جميلها أعظم من أن يوفى، فعن أبي بردة قال: إن رجلا من أهل اليمن حمل أمه على عنقه، فجعل يطوف بها حول البيت، ثم قال: أتراني جزيتها؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما: لا، ولا بزفرة واحدة من زفرات الولادة.
ويا أيتها الأمة المرحومة، بالغوا في إكرام الآباء والأمهات في أيام الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وأنتم على أعتاب ليلة القدر ليلة الأسرار والأنوار والتجليات والرحمات، ليلة العفو والسماح، والكرم والشهود، ليلة يتجلى فيها دعاء المضطرين وتسبيح المنيبين، وانكسار التائبين، ليلة تنزل أعظم كتاب على أعظم إنسان {إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر} ، والزم أيها المكرم الدعاء النبوي الشريف «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وما أجمل أن يكون لوالديك الكريمين من دعائك في هذه الليلة أوفى الحظ وأعظم النصيب {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}.
إن التحرش الإلكتروني كلمات جارحة، ومنشورات منكرة، وتعليقات خبيثة، تترك آثارا نفسية مدمرة في النفوس، وتسبب الاكتئاب والعزلة، فرفقا أيها الكرام بالقوارير.
ولفتت في خطبة الجمعة اليوم إلى أن المرأة كيان محترم، وإنسان موقر، حرمته موفورة، وكرامته محفوظة، فلا يليق أبدا أن تعامل امرأة بعنف، أو يوجه إليها تنمر، أو يعتدى عليها بتحرش، فيا أيها المعتدي أفق وتب إلى الله جل جلاله، وليكن حاديك هذا التحذير البالغ والنهي الشديد، يقول سبحانه: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين }، وهذا الوعيد الإلهي الأكيد {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، أخاطبك -هداك الله- بلسان البيان النبوي الشريف «أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟ أترضاه لعمتك؟ أترضاه لخالتك؟»، فكما تدين تدان، فرحماك بأهلك وعرضك، ورفقا ببنات الناس.
وشددت: اعلموا أن مكافحة التحرش الإلكتروني ليست مجرد واجب ديني أو التزام أخلاقي، بل هي واجب وطني وإنساني، وإن مجتمعنا لن ينهض إلا إذا تخلص من هذه الآفات، وإن مستقبلنا لن يكون مشرقا إلا إذا حمينا أبناءنا وبناتنا من هذه المخاطر، وزرعنا داخلهم عفة يوسف، وطهارة مريم، وحياء سيد الكونين والثقلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلوا رمضان شهر أدب ورقي وإكرام وإحسان، أحسنوا إلى المرأة وأكرموها؛ فإنه ما أكرمها إلا كريم، وما أهانها إلا لئيم.