داعية سلفي: التحرش سببه خروج المرأة من بيتها.. وأمين الفتوى يرد

أكد الدكتور هشام ربيع أمين الفتوى بدار الإفتاء أن مشكلة "الأفكار المتشددة" ليس في التعامل مع جزئيات الأحداث، بل مع المنهج والمسلك الذي يُنْتِج هذا التعامل، ومَن يُخَالِط هذه الأفكار ويَسْمَع لمفرداتهم لا يخطئه أنهم يعاملون "المرأة" بانتقاصٍ وازدراءٍ.
هل التحرش سببه خروج المرأة من بيتها؟
ولفت أمين الفتوى إلى أن "التعامل بين الرجال والنساء" أحاطته الشريعة الإسلامية بسياجٍ من الأخلاقيات والآداب ليُضْمَن بها سلامة الباطن والظاهر لكليهما، فلم يمنعه -أي: التعامل- مطلقًا، ولم يُبحْه مطلقًا.
وقال إن التعاملُ بين الرجال والنساء لا مانع منه شرعًا ما دام ذلك في حدود التعاليم الإسلامية والآداب العامة .
وتابع ردا على حديث الشيخ سعد عرفات بأن التحرش سببه خروج المرأة من بيتها: «مجرد كلام الرجل للمرأة هو مِن أمور الحياة الطبيعية التي نَطَقَت به الأدلة الشرعية؛ قال تعالى في قصة سيدنا موسى مع البنتين: {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23].
وشدد على أن تصدير التعامل بين الرجل والمرأة على أنَّه قائم على الشَّكِّ والرَّيبة والتَّحفُّظ لهو تَصنُّع وتَكَلُّف تأباه قواعد الشريعة ومناهجها السَّمْحة.
حكم التحرش الجنسي
فيما أكدت دار الإفتاء أن التحرش الجنسي محرَّم شرعًا، ويعد من كبائر الذنوب وأبشع الجرائم التي تُسقط المروءة وتخالف الفطرة السليمة، مشيرة إلى أن الإسلام شدد على صيانة الأعراض وحرمة انتهاك الكرامة الإنسانية، وتوعّد المعتدين بعقوبة شديدة في الدنيا والآخرة.
وأوضحت الفتوى أن المحافظة على العرض والكرامة من مقاصد الشريعة الكبرى التي لا يجوز التفريط فيها، وأن التحرش يدخل ضمن الأفعال الفاحشة التي يبغضها الله ورسوله، ويُخرج صاحبها من دائرة الإيمان الحق. كما استشهدت بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام».
على الصعيد القانوني، أشار التقرير إلى أن قانون العقوبات المصري نص بوضوح على تجريم التحرش، حيث تعاقب المادة (306 مكرر "أ") مرتكب الفعل بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، مع تشديد العقوبة في حال التكرار أو التتبع. كما نصت المادة (306 مكرر "ب") على أن التحرش الجنسي بقصد الحصول على منفعة ذات طبيعة جنسية يُعاقب عليه بالحبس مدة لا تقل عن عام وغرامة تصل إلى 20 ألف جنيه، وتصل العقوبة إلى السجن خمس سنوات في حال ارتكاب الفعل من صاحب سلطة أو أكثر من شخص.
وشددت دار الإفتاء على أن الإسلام أكرم المرأة وأعلى مكانتها، وحرّم مجرد النظر إليها بشهوة أو إيذائها بالقول أو الفعل، معتبرة التحرش اعتداءً صارخًا على قيم العفة والطهارة.
واختتمت الفتوى بالتأكيد أن التحرش جريمة مزدوجة: عقوبتها جسيمة أمام القانون في الدنيا، ووزرها عظيم أمام الله يوم القيامة، وأن على المجتمع التصدي لها بكل حزم حفاظًا على أمنه الأخلاقي والاجتماعي.