هنا غنت الفنانة العالمية داليدا.. كوبري بنها معلم تاريخي يعود للحياة

ارتبط اسم مدينة بنها عبر عقود طويلة بـ كوبري بنها الأثري، ذلك المعلم التاريخي الذي لم يكن مجرد جسر يربط ضفتي النيل، بل أيقونة للذكريات وملتقى للأحباب، وملهمًا للفن والغناء. وقد خلدته المطربة العالمية داليدا في أغنيتها الشهيرة «أحسن ناس»، حين غنت: «على كوبري بنها يا نور عيني منديل حبيبي طرف عيني»، ليصبح الكوبري رمزًا للحب وقصص اللقاء والفراق.
تاريخ الكوبري
شُيد كوبري بنها عام 1933 في عهد الملك فؤاد الأول، ليكون في ذلك الوقت المعبر الرئيسي للطريق الزراعي القديم الرابط بين القاهرة والإسكندرية. ومنذ ذلك الحين، لم يقتصر دوره على كونه محورًا مروريًا هامًا يربط المدينة بقرى كفر الجزار وبطا ودملو وميت الحوفيين، بل تحول إلى شاهد على تحولات اجتماعية وثقافية، ومكان ارتبط بالسينما والأغنية والوجدان الشعبي.
ومع إنشاء كوبري بنها العلوي في ثمانينيات القرن الماضي، تراجع دوره كمعبر أساسي، لكنه ظل حاضرًا في الذاكرة الشعبية باعتباره جزءًا أصيلًا من ملامح المدينة.
أعمال التطوير
خضع الكوبري مؤخرًا لأكبر عملية تطوير منذ إنشائه، بعد سنوات طويلة من الإهمال. فقد جرى إعادة رصفه وتغطيته بطبقة من مادة «استيل جارد» الأمريكية التي تمنحه لمعانًا وتحافظ على الأسفلت ضد عوامل التعرية، إلى جانب طلاء جسم الكوبري والبلدورات، وإنشاء مخرات لتصريف مياه الأمطار، وتركيب الفواصل الهندسية لضمان سلامة التمدد والانكماش بين الفصول. كما جرى تدعيمه بكاميرات مراقبة حديثة وكشافات إنارة «ليد» تعيد إليه رونقه ليلاً.
هذه الأعمال لم تُحسّن فقط من كفاءته المرورية، بل أنهت أيضًا مظاهر الفوضى والإهمال التي طالته لسنوات، ليعود الكوبري ليتحمل حركة المرور المتزايدة، ويؤدي دوره كبديل استراتيجي في أوقات الطوارئ على الطريق الزراعي السريع «القاهرة – الإسكندرية».
الهوية البصرية ومعلم سياحي
وفي إطار خطة محافظة القليوبية لتطوير المرافق الحيوية وإعادة إحياء معالمها التاريخية، تبنى المحافظ المهندس أيمن عطية، بالتعاون مع المهندس وليد الشهاوي رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة بنها، مشروعًا متكاملًا لدمج الكوبري ضمن الهوية البصرية للعاصمة.
الهدف من المشروع لم يكن فقط إعادة تأهيل الكوبري كمعبر مروري، وإنما تحويله إلى مزار سياحي ومعلم حضاري يعكس تاريخ المدينة العريق. ومن المخطط أن يكون الكوبري محيطًا بفعاليات فنية وثقافية على كورنيش النيل، ليظل شاهدًا على قصص أصحاب الذكريات، وفي الوقت ذاته رمزًا للتجديد والنهضة العمرانية.
كوبري بنها.. ذاكرة وحياة
بهذا التطوير، يعود الكوبري الذي غنّت له داليدا ليحيا من جديد؛ ليس فقط كأحد أقدم الكباري في مصر، بل كعلامة مضيئة في وجدان أبناء القليوبية، ووجهة تحمل عبق الماضي بروح الحاضر، لتبقى بنها دائمًا مدينة للذكريات والتاريخ المتجدد.