ضياء رشوان: الانقسامات الإسرائيلية صراع بين الرأي العام والمتطرفين حول حرب غزة

قال الكاتب الصحفي، والمحلل السياسي، الدكتور ضياء رشوان، إن إسرائيل تشهد في الفترة الحالية حالة من الانقسام الداخلي الحاد، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية المجتمع الإسرائيلي ترغب في وقف الحرب، بينما مجموعة من غلاة المستوطنين تواصل الاعتداءات والاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية، ما يعكس حالة عدم توافق داخل المجتمع الإسرائيلي على رؤية موحدة تجاه الصراع.
الانقسام الداخلي الحاد
أضاف ضياء رشوان، خلال لقاء مع الدكتورة منة فاروق ببرنامج «ستوديو إكسترا» على قناة «إكسترا نيوز»، أن الانقسامات تتجاوز الشارع لتشمل صناع القرار والسياسات الحكومية، مما يزيد من تعقيد الأزمة الداخلية لإسرائيل.
وأشار رشوان إلى أن الانقسام الإسرائيلي يشمل المستويات السياسية والعسكرية، حيث تواجه حكومة اليمين في إسرائيل صراعات داخلية بين المتطرفين وبين المعتدلين، فيما يمثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو محوراً رئيسياً في هذا الانقسام، إذ ينتمي إلى التيار المتطرف، بينما يرفض غلاة المتطرفين أي إعلان لصفقة وقف إطلاق النار، معتبرين أن الحرب يجب أن تستمر دون توقف، إذ أن هذا الصراع الداخلي يجعل من الصعب على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ قرارات واضحة، خصوصاً في ظل الضغوط المحلية والدولية لوقف التصعيد العسكري.
تأثير الانقسامات السياسية
وأوضح ضياء رشوان أن بعض المتطرفين الإسرائيليين يدعمون ضم قطاع غزة واحتلاله بشكل كامل، مشيراً إلى تصريحات سابقة لرئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق الذي دعا إلى قتل 50 فلسطينيًا مقابل كل إسرائيلي يُقتل في أحداث 7 أكتوبر، بما في ذلك الأطفال، ما يعكس طبيعة التطرف والعنف الذي يسيطر على جزء من القيادة الإسرائيلية، موضحًا أن هذه التصريحات تزيد من صعوبة الوصول إلى حلول سلمية، وتضع نتنياهو أمام تحدٍ كبير بين الاستجابة لضغوط المتطرفين ومحاولة إنهاء الأزمة السياسية والعسكرية التي تواجهها إسرائيل.
وأكد ضياء رشوان أن نتنياهو يملك فرصاً محدودة للخروج من هذه الأزمة، حيث يمكنه استغلال بعض المبادرات السياسية للتوصل إلى تسوية مؤقتة، إلا أن رفض غلاة المتطرفين أي اتفاق قد يؤدي إلى استمرار التصعيد العسكري وزيادة الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي، مبينًا أن هذه الانقسامات تظهر بشكل واضح في المشهد الإعلامي والسياسي، حيث تتنافس الأصوات المتطرفة مع الأصوات الداعية للتهدئة، ما يجعل عملية اتخاذ القرار داخل الدولة أكثر تعقيدًا.
الشارع الإسرائيلي بين الحرب والتطرف
لفت ضياء رشوان إلى أن الرأي العام الإسرائيلي يظهر رغبة واضحة في إنهاء الحرب، مشيراً إلى أن المواطنين العاديين يشعرون بالقلق من الخسائر البشرية والمادية التي تسببت فيها العمليات العسكرية المستمرة، معتبرًا أن هذه التوجهات الشعبية تشكل ضغطًا مستمرًا على الحكومة، لكنها تتصادم مع مواقف غلاة المستوطنين والمتطرفين داخل الجهاز السياسي والعسكري، ما يخلق حالة من الجمود والارتباك في السياسات الإسرائيلية.
وأوضح ضياء رشوان أن الانقسامات الإسرائيلية على المستويات المختلفة تعكس أزمة قيادة حقيقية، حيث تضطر الحكومة إلى الموازنة بين الضغط الداخلي والخارجي، وبين رغبة الرأي العام في التهدئة وبين تمسك المتطرفين بسياسات العدوان والتوسع، فضًلا عن أن استمرار هذا الانقسام قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني، وزيادة المخاطر على المدنيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما قد ينعكس سلبًا على الاستقرار الداخلي لإسرائيل على المدى الطويل.

الخيارات الصعبة أمام نتنياهو
أشار ضياء رشوان إلى أن نتنياهو يواجه تحديات كبيرة في إدارة الأزمة الحالية، خصوصاً مع تصاعد مطالب غلاة المتطرفين الذين يرفضون أي تهدئة، مقابل ضغوط دولية لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين، لاسيما أن أي محاولة للتوصل إلى اتفاق يجب أن تأخذ في الاعتبار هذه الانقسامات الداخلية، وأن تحقق توازنًا بين المصالح السياسية الداخلية ومطالب المجتمع الدولي.
واختتم ضياء رشوان تصريحاته بالقول إن الانقسامات الإسرائيلية الحالية تؤكد أن المجتمع الإسرائيلي لم يعد مجمعًا على فكرة واحدة، وأن أي قرار حكومي بشأن الحرب على غزة سيكون محكومًا بالصراعات الداخلية بين المتطرفين والمعتدلين، مما يجعل عملية التوصل إلى حل سياسي أو عسكري مستدام أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.