مهمة ضبط المشهد الدرامى.. ماجدة موريس «أيقونة النقد الفني ورمز الموضوعية»

تتويجًا لمسيرتها الحافلة، تولت ماجدة موريس، مؤخرًا رئاسة لجنة الدراما بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وهو منصب يعكس ثقة الوسط الإعلامي والفني في قدرتها على ضبط المشهد الدرامي، وفق معايير تحترم القيم الفنية والمجتمعية.
رحلة البداية.. من الإسكندرية إلى القاهرة
ولدت ماجدة موريس، في الإسكندرية، المدينة التي ألهمت العديد من المبدعين، لكن شغفها بالصحافة والنقد دفعها لمغادرتها بعد إنهاء دراستها الثانوية.
رغم رفض الأسرة لدراستها الصحافة، أصرت على تحقيق حلمها، والتحقت بكلية الآداب بجامعة القاهرة، قسم الصحافة، انتقلت إلى العيش مع عمتها في القاهرة، حيث بدأت أولى خطواتها المهنية كمتدربة في جريدة الجمهورية أثناء الدراسة، وهو ما مهد الطريق لمسيرتها اللامعة.
من الصحافة إلى النقد الفني
تخرجت ماجدة موريس في السبعينيات، لكن شغفها بالفن لم يتوقف عند الصحافة، فقررت دراسة النقد والتحقت بمعهد النقد الفني عام 1973، وهو العام الذي شهد لقاءها مع الكاتب والسيناريست فايز غالي، ليشكلا ثنائيًا فكريًا وفنيًا بارزًا.
تميزت منذ بدايتها بتركيزها على النقد التلفزيوني، وهو المجال الذي لم يكن يحظى حينها بالاهتمام الكافي، لكنها ساهمت في ترسيخ دعائمه، لتصبح واحدة من أهم رموزه في مصر، وبعد مرور السنوات، توسعت كتاباتها لتشمل السينما، فأصبحت اسمًا لا يمكن تجاوزه في ساحة النقد الفني.
مقالها الأسبوعي "بين مقعدين" على صفحات جريدة الجمهورية، ظل لعقود نموذجًا للنقد الرصين، يجمع بين سلاسة الأسلوب وعمق التحليل، فهي واحدة من أبرز الأسماء في عالم النقد الفني، التى وهبت حياتها لمتابعة وتحليل صناعة السينما والدراما التلفزيونية بعين الخبير العاشق للفن.
رؤية نقدية علمية وحيادية صارمة
تمتلك ماجدة موريس ، رؤية نقدية علمية تتسم بالهدوء والتوازن، فهي لا تنجرف خلف الضجيج الإعلامي، بل تعتمد على تحليل معمق للأعمال الفنية، بعيدًا عن الانحياز أو المجاملات.
وتعتبر ذاكرة حية للسينما المصرية، وتملك قدرة استثنائية على استرجاع تفاصيل الأفلام والمسلسلات، ما جعلها مرجعًا موثوقًا للباحثين والمحبين للفن.
معارك فنية وأدوار بارزة
لم يكن طريق ماجدة موريس، خاليًا من التحديات، إذ خاضت العديد من المعارك النقدية، وواجهت موجات الجدل حول الأعمال الفنية التي اعتبرتها لا تحترم عقل المشاهد أو تقدم محتوى غير لائق.
كانت دائمًا في صف الجمهورالواعي، مؤمنة بأن المشاهد هو صاحب القرار الأول والأخير، وأن مقاطعته للأعمال الضعيفة هي السلاح الأقوى ضد التدهور الفني.
في تصريحاتها الأخيرة، انتقدت بعض المسلسلات التي تقدم محتوى غير لائق، مؤكدة أن الحل في" يد الجمهور"، إذ قالت "إذا كان العمل لا يعجبك، لا تكمله، ولا تعطه فرصة ليحقق نسب مشاهدة عالية، المشاهد هو صاحب القرار في بيته."
ماجدة موريس، ليست مجرد ناقدة فنية، بل هي مدرسة نقدية قائمة بذاتها، استطاعت عبر عقود من العمل الجاد أن تحفر اسمها في تاريخ النقد السينمائي والتلفزيوني المصري، بموضوعيتها، رؤيتها العميقة، وإيمانها بأن الفن رسالة قبل أن يكون صناعة، ستظل واحدة من أهم الأسماء المؤثرة في المشهد الثقافي المصري.