والد شهيدة غزة ينهار على الهواء: «ابنتي حاجة كبيرة بالنسبالي» |فيديو

لم يتمالك والد الطفلة الفلسطينية الشهيدة "آمنة" نفسه، حين وقعت عيناه على صورة صغيرته التي خطف الاحتلال الإسرائيلي روحها البريئة، لتغرق ملامحه في بحر من الدموع، ويخنقه الحزن في مشهد أبكى القلوب قبل العيون.
في لقاء مؤلم بثه موقع "عربي 21"، ظهر الأب المفجوع وهو يشير إلى صورة عائلية تضم أفراد أسرته الذين طالتهم نيران الاحتلال، وقال بصوت مرتجف:"هذه آمنة... فلذة كبدي، استشهدت في القصف، ومعها الطفلة براء، وأم كريمة... أخذهم الاحتلال دفعة واحدة".

انهارت كلماته كما انهارت روحه، وأدار وجهه عن الكاميرا محاولًا إخفاء دموعه التي غلبته، قبل أن يتمتم:"الدنيا سوداء... والموقف صعب... ليست لدي كلمات تصف ما حدث".
جنازة صغيرة وثقل لا يُحتمل
يروي الأب تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وداع "آمنة"، وكيف شلّ الحزن أطرافه، فلم تسعفه قدماه لحمل ابنته إلى مثواها الأخير، ليسارع الأهالي لمساعدته في دفن "وحيدته"، في جنازة اختلط فيها البكاء بالصمت، والصلاة بالحسرة."دفنا آمنة... وبعدها لحقت بها أمها شهيدة... رحلتا معًا وتركتاني وحدي أمام هذا الوجع" – هكذا أكمل الأب بصعوبة.


مأساة تتكرر كل يوم في غزة
مشهد والد "آمنة" ليس استثناءً، بل صورة تختصر الواقع الإنساني في غزة، حيث يخطف القصف أرواح الأطفال والنساء، ويدمّر العائلات بلا إنذار. عشرات الآباء يدفنون أبناءهم، ويكتمون أنينهم في قلوب أنهكها الفقد والظلم.
"كمائن الموت في غزة".. جيش الاحتلال يحول المساعدات إلى كمائن لقتل الفلسطينين
في غزة، لم تعد طوابير المساعدات مشهداً إنسانياً كما يفترض، بل تحولت إلى مصائد موت يتكرر مشهدها المؤلم كل يوم، فبدلاً من أن تمثل قوافل الإغاثة بارقة أمل في ظل الحصار، باتت مواقع توزيعها مسرحًا لمجازر متكررة، يُقتل فيها المدنيون وهم يبحثون عن القليل من الغذاء والماء.
دماء على طريق الجوع
منذ أواخر مايو الماضي، وثّقت وزارة الصحة في غزة مقتل ما لا يقل عن 549 مدنيًا أثناء وجودهم قرب مراكز توزيع المساعدات، وإصابة أكثر من 4000 آخرين، في جرائم ترتكب بعيدًا عن ساحات المعارك، لكن أمام كاميرات العالم. ورغم ذلك، يلتزم جيش الاحتلال الإسرائيلي الصمت، دون أن يكشف عن عدد الضحايا أو يقدم تفسيرًا رسميًا.
واقع مؤلم يعيشه الفلسطينيون
منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار خانق، دمّر البنية التحتية وترك السكان بلا ماء أو كهرباء أو مأوى.
ومع نزوح أكثر من 85% من سكان القطاع، أصبحت المساعدات الدولية شريان الحياة الوحيد، إلا أن ما يدخل فعليًا لا يسد الحد الأدنى من الاحتياجات، ما يجعل كل نقطة توزيع تتحول إلى ساحة صراع من أجل البقاء.
مصائد الموت في غزة
في 29 فبراير 2024، شهد شمال غزة واحدة من أبشع المجازر، حين أطلقت قوات الاحتلال النار على مدنيين تجمّعوا حول قافلة مساعدات، مما أدى إلى مقتل أكثر من 110 شخصًا، معظمهم نساء وأطفال. لم تكن تلك الحادثة الأولى، فقد سبقتها وتبعتها مجازر مماثلة في شارع الرشيد، ومناطق الكرامة، ورفح، وخان يونس، وثقتها الكاميرات والأقمار الصناعية وشهادات الناجين.
شهادات تدين الجيش
كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إفادات لجنود أكدوا تلقيهم أوامر بإطلاق النار عمداً على الجموع المدنية عند نقاط توزيع المساعدات. وقد بدأ المدعي العام العسكري الإسرائيلي تحقيقًا في بعض هذه الوقائع، التي يُشتبه أنها تمثل جرائم حرب، رغم محاولات نفي المسؤولية وادعاء وجود "فوضى ميدانية".
تعذر إيصال المساعدات
مع تعذر إيصال المساعدات براً، لجأت بعض الدول إلى إلقائها جواً أو محاولة إدخالها عبر ممر بحري من قبرص.
لكن هذه الخطوات لم تكن فعالة، إذ كثيراً ما سقطت الطرود في البحر أو في مناطق خطرة، فيما بقي الآلاف دون طعام. ويثير ذلك تساؤلات حول مدى جدوى هذه العمليات: هل هي لأغراض إنسانية فعلًا أم لمجرد التغطية الإعلامية؟
خطر المجاعة يلوح في الأفق
حذرت الأمم المتحدة من أن غزة تقف على شفا مجاعة جماعية، حيث باتت الحياة اليومية مرادفًا للنجاة من القصف والجوع في آنٍ واحد.
و يُباع كيس الدقيق في السوق السوداء بمئات الدولارات، بينما يُقتل من يحاول الحصول عليه من شاحنات الإغاثة.
ورغم الإدانات المتكررة، يقف المجتمع الدولي عاجزًا عن اتخاذ أي إجراء حقيقي.
ولم يصدر مجلس الأمن قرارات ملزمة، أومبادرات تأمين ممرات إنسانية، فيما تواصل إسرائيل سياسة التجويع والترويع وقتل الكبار والأطفال والنساء.
أضبح الوضع في غزة، مجرد الوقوف في طابور انتظار المساعدات كفيلاً بإنهاء حياة إنسان.
أطفال يموتون جوعًا، وآباء يُقتلون بحثًا عن كيس طحين. مراكز الإغاثة التي كان يُفترض أن تكون ملاذًا، أصبحت مواقع إعدام مفتوحة.
وبين صمت دولي مريب، وعجز أممي مستمر، تتحول الكارثة إلى جريمة ممتدة لا يجرؤ العالم على وقفها.