متى يبدأ الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان؟ دار الإفتاء توضح

مع غروب شمس يوم 20 رمضان، تستعد المساجد في مختلف أنحاء العالم الإسلامي لاستقبال المعتكفين الذين يحرصون على قضاء العشر الأواخر من الشهر الفضيل في العبادة والذكر، طلبًا للأجر والثواب، وتحريًا لليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر. ويُعد الاعتكاف من السنن النبوية المؤكدة، حيث كان النبي محمد ﷺ يواظب عليه في هذه الأيام المباركة، متفرغًا للعبادة وقيام الليل وقراءة القرآن.
بداية الاعتكاف وأهميته
يبدأ الاعتكاف مع غروب شمس يوم 20 رمضان، حيث يدخل المعتكفون إلى المساجد استعدادًا لدخول ليلة 21 رمضان، التي تُعد أولى الليالي الوترية التي يُرجى فيها أن تكون ليلة القدر، ويستمر الاعتكاف حتى غروب شمس آخر يوم من الشهر، سواء كان رمضان 29 أو 30 يومًا، ليخرج المعتكفون بعدها لاستقبال عيد الفطر المبارك.
ويُعتبر الاعتكاف فرصة عظيمة للابتعاد عن صخب الحياة والانشغال بالعبادة والروحانيات، حيث يخصص المعتكف وقته للذكر والتسبيح والصلاة والدعاء، وقراءة القرآن والتأمل في معانيه، بعيدًا عن أي مشاغل دنيوية.
شروط الاعتكاف وأماكنه
الاعتكاف لا يشترط له الصيام، لكنه يكون أفضل وأكمل إذا كان المعتكف صائمًا. كما يُشترط أن يكون في المساجد، لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ (البقرة: 187)، مما يدل على أن الاعتكاف لا يكون إلا في بيوت الله.
وتحرص المساجد الكبرى في العالم الإسلامي على تهيئة أماكن خاصة للمعتكفين، وتوفير احتياجاتهم الأساسية مثل أماكن النوم والوضوء، مع تنظيم دروس دينية ومحاضرات روحية لتعزيز الأجواء الإيمانية خلال هذه الأيام المباركة.
الاعتكاف وتحري ليلة القدر
يعد الاعتكاف فرصة ذهبية لتحري ليلة القدر، التي أخبر النبي ﷺ أنها تكون في العشر الأواخر من رمضان، وخاصة في الليالي الوترية (21، 23، 25، 27، 29). وقد ورد عن النبي ﷺ قوله: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).
ولهذا السبب، يحرص المعتكفون على الاجتهاد في العبادات خلال هذه الليالي، سائلين الله أن يكتب لهم الأجر العظيم، وأن يجعلهم من الفائزين بفضل هذه الليلة المباركة.
أجواء الاعتكاف في العالم الإسلامي
في العديد من الدول الإسلامية، تشهد المساجد خلال العشر الأواخر ازدحامًا كبيرًا بالمصلين والمعتكفين، حيث يحرص المسلمون على إحياء هذه الليالي بالإكثار من الصلاة والدعاء، وطلب المغفرة من الله.
كما تتنوع أنشطة المساجد خلال هذه الأيام، حيث يتم تنظيم ختمات قرآنية، ودروس دينية، ومحاضرات إيمانية تزيد من الروحانية والتقوى لدى المعتكفين.
الاعتكاف وسيلة للتقرب إلى الله
يُعتبر الاعتكاف من أعظم العبادات التي تساعد المسلم على تجديد علاقته بالله، والابتعاد عن مشاغل الدنيا، والتفرغ للعبادة والذكر. كما أنه فرصة لمحاسبة النفس، والتأمل في حال القلب، والسعي نحو التوبة والرجوع إلى الله.
ويُوصى المعتكفون بالإكثار من الدعاء والاستغفار والصلاة على النبي ﷺ، وطلب العفو من الله، خاصة في الليالي الوترية التي قد تكون فيها ليلة القدر، حيث ورد في الحديث أن السيدة عائشة رضي الله عنها سألت النبي ﷺ: “يا رسول الله، أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟” فقال: “قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” (رواه الترمذي).