شهادات الطاقة المتجددة تقود مصر لتصبح مركزًا إقليميًا للتجارة الخضراء

تستعد وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، عبر جهاز تنظيم الكهرباء وحماية المستهلك، لإطلاق أول برنامج لإصدار شهادات الطاقة الجديدة والمتجددة في السوق المصرية قبل نهاية العام الجاري، بحسب مصدر مسؤول بالوزارة.
وأوضح المصدر، في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، أن هذه الشهادات تُعد أداة مالية تثبت أن وحدة كهرباء قد تم إنتاجها من مصادر نظيفة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، ويمكن تداولها وبيعها للشركات الراغبة في موازنة استهلاكها الكربوني، وهو ما يدعم توجه الدولة نحو الاقتصاد الأخضر.
برنامج متكامل لهيئة الطاقة الجديدة
وأشار إلى أن جهاز تنظيم الكهرباء قدّم برنامجًا متكاملًا لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة للحصول على الموافقة النهائية، كما جرت مفاوضات مع إدارة البورصة المصرية لبحث إدراج هذه الشهادات في بورصة المناخ المصرية (EGCX)، التي جرى تحديث هويتها مؤخرًا لتستوعب أدوات استثمارية متنوعة، من بينها شهادات الطاقة المتجددة.
وكانت البورصة المصرية قد دشنت في مايو الماضي هويتها الجديدة لسوق المناخ، في إطار خططها للتوسع الإقليمي والدولي عبر أدوات مالية مرتبطة بالطاقة والبيئة. ووفقًا لمصدر حكومي آخر، تستهدف مصر إصدار هذه الشهادات وقيدها بالبورصة قبل نهاية 2025، بحيث تُوجّه حصيلة بيعها لتمويل مشروعات الكهرباء من مصادر متجددة، بما يتماشى مع التزامات الدولة بخفض الانبعاثات.
ومنذ انطلاق بورصة المناخ المصرية في أغسطس 2024، جرى تنفيذ 6 عمليات تداول حتى مايو 2025 بإجمالي 5500 شهادة، فيما بلغ عدد شهادات الكربون الطوعية المسجلة في مصر بنهاية 2024 نحو 145 ألف شهادة صادرة عن 21 مشروعًا في مصر وعدة دول آسيوية مثل الهند ونيبال وبنجلاديش، تضمنت أنشطة في مجالات الزراعة والطاقة المتجددة والمشروعات منخفضة الكربون.
وفي هذا السياق، اعتبر محمد حليوة، خبير الطاقة، أن إصدار شهادات الطاقة المتجددة يمثل "قفزة نوعية" في مسار التحول الطاقي بمصر، لكونها أداة مالية عالمية لتوثيق إنتاج الكهرباء من المصادر النظيفة، مما يمنح مصر ميزة تنافسية في سوق الطاقة الخضراء، ويعزز جاذبية السوق للاستثمارات المباشرة وغير المباشرة. وأكد أن إدراج هذه الشهادات في بورصة المناخ سيزيد من شفافية السوق وعمقها المالي، ويدعم الربط بين أسواق الطاقة وأسواق المال والمناخ.
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد جمال الدين، الخبير الاقتصادي، أن إطلاق شهادات الطاقة المتجددة يعد خطوة محورية لتعزيز السوق المالية وجذب استثمارات جديدة، لافتًا إلى أن الأدوات المالية الخضراء مثل شهادات الكربون والطاقة المتجددة تمثل رافعة أساسية لتوسيع قاعدة السوق المصرية، ودعم منظومة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG).
وأضاف جمال الدين أن مصر، بصفتها مُصدّرًا رئيسيًا للأسمدة والمنتجات الصناعية إلى الاتحاد الأوروبي، مطالبة بالالتزام بآلية تعديل حدود الكربون الأوروبية، ما يشكل دافعًا إضافيًا أمام الشركات المصرية للإسراع في تبني هذه الآليات، حفاظًا على قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية. وتوقع أن يشهد عام 2025 طفرة في حجم السوق نتيجة الضغوط التنظيمية الخارجية وزيادة الوعي المحلي بأهمية تقليص الانبعاثات.
ويُعد التحول نحو أسواق الكربون خطوة استراتيجية لمصر، ليس فقط لخفض الانبعاثات، بل أيضًا لفتح قنوات تمويل جديدة للشركات والدولة، بما يدعم خطط التحول للاقتصاد الأخضر وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للتجارة الخضراء.