غموض اليوم التالي للحرب.. من سيملا فراغ الحكم في غزة بعد رحيل حماس؟

بينما لم تنتهِ الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة بعد، تتصاعد التساؤلات حول "اليوم التالي" لسقوط حكم حركة حماس، في ظل غياب رؤية واضحة لدى إسرائيل، وتعدد السيناريوهات المطروحة إقليميًا ودوليًا، وفق ما أفاد تقرير نشرته مجلة "صوف شافوع" العبرية.
وذكرت المجلة أن "الصراع على مستقبل حكم غزة بدأ فعليًا، حتى قبل أن تتضح نهاية الحرب"، مشيرة إلى أن القاهرة تروج لفكرة حكومة تكنوقراط، بينما تركز إسرائيل على المجموعات المسلحة التي تعارض حماس، دون طرح بديل حقيقي ومقبول شعبيًا.
غضب شعبي ورفض للوجوه التقليدية
ونقلت المجلة عن سكان غزة تعبيرهم عن السخط من كل من حماس والسلطة الفلسطينية، قائلين: "سئمنا من المحاولات الفاشلة والوجوه المرفوضة شعبيًا، سواء من السلطة أو حماس. نريد قادة جددًا ولا نرحب بتجار الدين".
رغم مرور ما يقارب عامين على هجوم 7 أكتوبر، وما تبعه من عمليات عسكرية مكثفة، لا تزال إسرائيل تفتقر إلى خطة واضحة للمرحلة التالية، بحسب المجلة، التي لفتت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكرر عبارات عامة من دون تحديد الجهات البديلة أو طبيعة المرحلة المقبلة.
ومن بين الخيارات المطروحة في المفاوضات: حكومة تكنوقراط فلسطينية بإشراف جزئي من السلطة الفلسطينية، مدعومة من قوى إقليمية ودولية.
سيناريوهات أخرى مطروحة
وتطرقت المجلة إلى عدة أفكار أخرى، كحكم العشائر، أو المجموعات المسلحة، أو حتى إدارة عسكرية إسرائيلية مباشرة، غير أن جميع هذه الطروحات تبدو غير قابلة للتطبيق، بحسب رأي خبراء فلسطينيين وإسرائيليين على حد سواء.
ونقل التقرير عن مسؤول فلسطيني تأكيده أن خطة الحكم العشائري غير مجدية، ونتنياهو يرفض إشراك السلطة الفلسطينية، لأنها تمهد لقيام دولة فلسطينية، وهو ما يسعى لإفشاله منذ سنوات، حتى لو كان ذلك عبر تقوية حماس سابقًا".
مبادرة مصرية تتحول لعربية
في ظل التخبط الإسرائيلي، تتصدر مصر المشهد بمحاولة لبلورة مبادرة قابلة للتطبيق، وتحظى هذه المبادرة بدعم عربي وأمريكي، وتقوم على نشر قوة عربية لإدارة غزة مؤقتًا، وتدريب عناصر أمنية فلسطينية لتولي المهام الأمنية، بما في ذلك تفكيك الأنفاق وضبط السلاح.
تقييم الخبراء: أفق ضيق ومخاطر متزايدة
يرى الدكتور مايكل ميلستين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، أن السوق السياسي الحالي خالٍ من أي اقتراحات واقعية باستثناء المبادرة المصرية، التي تحولت إلى مبادرة عربية، معتبرًا إياها "أهون الشرّين".
واستبعد ميلستين قدرة أي من الجماعات المسلحة مثل ميليشيا ياسر أبو الشباب على تولي الحكم، مؤكدًا أن تلك المجموعات لا تمثل رؤية وطنية شاملة لتلقيها الدعم من الاحتلال، ولا تحظى بدعم عشائري حقيقي، رغم أنها تملأ فراغًا محدودًا على الأرض.
الأولوية لأهل غزة: وقف الحرب والمجاعة
من جانبه، أشار الدكتور مخيمر أبو سعدو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، إلى أن سكان القطاع لا ينشغلون حاليًا بمسألة من سيحكم بعد الحرب، بل يركزون على أولوية إنقاذ حياتهم.
وقال أبو سعدو: "الناس في غزة يعيشون وضعًا إنسانيًا مأساويًا منذ 22 شهرًا. أولويتهم الآن هي إنهاء الحرب ووقف المجاعة، وليس النقاش حول من سيحكم لاحقًا".