حكم تقاضي السمسار عمولة من البائع دون علم المشتري.. الإفتاء توضح

تلقى دار الإفتاء المصرية سؤالاً حول حكم تقاضي السمسار عمولة من كل من البائع والمشتري دون إعلام المشتري بأن البائع يدفع عمولة، وأكدت الإفتاء أن السمسرة عقد مشروع إذا توفرت فيه شروط الشرع والوفاء بحقوق جميع الأطراف، مع ضرورة تجنب الغش والخداع والغرر.
المقصود بالسمسرة وأدلتها الشرعية
عرّفت دار الإفتاء السمسار بأنه الوسيط الذي يدخل بين البائع والمشتري لإتمام عملية البيع، حيث يقوم بتسهيل اللقاء بين الطرفين وتوضيح السلعة والثمن. وأشارت الإفتاء إلى أن السمسرة عقد مشروع في الإسلام ما دام البيع مشروعًا، مستشهدة بآيات القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وحديث عمرو بن عوف: «المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حَرَّمَ حلالًا أو أحل حرامًا».
وأوضحت الإفتاء أن هذا التعريف متوافق مع القوانين المصرية، حيث نص القانون التجاري رقم 17 لسنة 1999 في مادته رقم 192 على أن السمسار هو الذي يتعهد بالبحث عن طرف ثانٍ لإبرام عقد معيّن والتوسط فيه، ما يؤكد مشروعية عمل السمسار وأخذ أجر مقابل خدماته.
حكم تقاضي السمسار عمولة مزدوجة دون إعلام المشتري
بيّنت دار الإفتاء أن السمسار يجوز له تقاضي عمولة من البائع والمشتري في نفس الوقت إذا لم يكن وكيلاً لأحدهما، وأن علم أحد الطرفين بذلك ليس شرطًا لصحة العقد. وأكدت الإفتاء أن شرط صحة السمسرة هو خلو العقد من الغرر والجهالة والغش والخداع، مع مراعاة حرمة المعقود عليه.
وأضافت الإفتاء أن المعاملة تتضمن عمليتين منفصلتين: الأولى مع البائع لإيجاد مشتري، والثانية مع المشتري لإيجاد سلعة، وحين يتقاطع الطرفان، فلا يعد إخفاء السمسار لعمولته مخالفة شرعية، طالما لم يحدث غبن كبير للمشتري، وما دام التراضي حاصلًا من الطرفين. وأكدت الإفتاء أن التراضي يُستدل عليه بالإيجاب والقبول، وهو كافٍ لإتمام العقد.
أهمية الالتزام بالصدق والأمانة والعرف التجاري
أكدت دار الإفتاء على ضرورة اتباع اللوائح والقوانين المنظمة للسمسرة، ووجوب الصدق والأمانة في التعاملات. كما أشارت إلى أن العرف التجاري يُعد حجة شرعية في تحديد كيفية إضافة أجرة السمسار إلى ثمن السلعة، مستشهدة بقول الإمام الكاساني: "يُضاف رأس المال أجرة القصار والغسّال والسمسار ويُباع مرابحةً على الكل اعتبارًا للعُرف".
كما شددت على أن المعاملة يجب أن تكون واضحة وخالية من أي خداع أو تدليس، مستندة إلى أحاديث النبي ﷺ: «ومن غشّنا فليس منا»، مما يرسخ قيمة الأمانة في المعاملات المالية.
ختامًا، أوضحت دار الإفتاء أن السمسار يجوز له تقاضي عمولة من الطرفين في الوقت نفسه، دون إلزامه بإخبار كل طرف بما يتقاضاه من الطرف الآخر، شريطة أن يكون العقد مشروعًا وخاليًا من الغش والغرر، وأن يحصل التراضي بين الأطراف. وتؤكد الإفتاء أن الالتزام بالصدق والأمانة والاعتماد على العرف التجاري من الأسس المهمة لضمان سلامة المعاملات وتحقيق المصلحة المشتركة لجميع الأطراف.