هل تعظيم الأماكن الدينية والتاريخية شرك بالله.. الإفتاء ترد

أكدت دار الإفتاء المصرية أن القول بتحريم تعظيم الأماكن ذات القيمة الدينية والتاريخية بدعوى أن ذلك شرك أو ذريعة للشرك هو قول باطل، لا دليل عليه من الشرع. موضحة أن الشريعة الإسلامية لم تمنع مطلق التعظيم لغير الله، وإنما منعت ما كان على وجه العبادة التي تخرج صاحبها من التوحيد إلى الشرك.
وأوضحت أن الاحترام والتقدير والتوقير للأماكن التي عظَّمها الله ورسوله ﷺ أمر جائز، بل مشروع، إذا كان في حدود الأدب الشرعي ولم يقترن باعتقاد باطل.
أدلة شرعية على مشروعية التعظيم
استشهدت الإفتاء بما رواه البيهقي عن النبي ﷺ أنه كان إذا رأى الكعبة المشرفة قال: «اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا، وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً»، مما يوضح أن تعظيم بيت الله الحرام تعظيم لله تعالى.
كما أوردت ما روي عن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه أنه كان يضع المصحف على وجهه ويقول: "كِتَابُ رَبِّي"، دلالة على مشروعية تعظيم كلام الله عز وجل تعظيمًا لله ذاته.
التعظيم المشروع ليس شركًا
أوضحت دار الإفتاء أن الشرك لا يتحقق بمجرد التعظيم، بل يكون إذا اعتقد الإنسان أن المخلوق مستقل بالتأثير أو أنه ند لله في الضر والنفع. أما إن كان التعظيم لله ومن الله، كما في سجود الملائكة لآدم عليه السلام، فهو عين التوحيد.
وشددت على أن اعتقاد وجود البركة في بعض الأشخاص أو الأماكن أو الأشياء لا يُعد شركًا إذا كان المسلم يؤمن أن الله وحده هو مصدر البركة، وأنه سبحانه يضعها حيث يشاء، في بشر أو أماكن أو آثار.
الأدلة القرآنية على وجود البركة في المخلوقات
استدلت الإفتاء بقول الله تعالى في قصة بني إسرائيل:
﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [البقرة: 248].
موضحة أن التابوت كان يُتَبرك به ويستفتحون به على الأعداء، وكان فيه من آثار الأنبياء ما يبعث الطمأنينة والسكينة في قلوبهم.
خلصت دار الإفتاء إلى أن تعظيم الأماكن التي لها قيمة دينية أو تاريخية مشروع، ولا يُعد شركًا ولا ذريعة إليه، بل هو من تعظيم شعائر الله الذي يدل على تقوى القلوب. مؤكدة أن ما يردده البعض من تحريم هذا الفعل أو ربطه بالشرك خلط في المفاهيم ومجانبة لصحيح الفقه وأدلة الشرع.