المديح النبوي بدعة صوفية أم من مظاهر محبة الرسول.. الإفتاء توضح

أكدت دار الإفتاء المصرية أن المديح النبوي لا يصح وصفه بأنه من بدع الصوفية كما يزعم البعض، بل هو من مظاهر محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهي المحبة التي تُعَدُّ أصلًا من أصول الإيمان، استنادًا إلى قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾ [التوبة: 24]. كما استشهدت الدار بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه مسلم.
المديح النبوي بدعة صوفية أم من مظاهر محبة الرسول
وأوضحت الدار أن المديح النبوي هو شعر يتركز حول الثناء على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بذكر صفاته الخَلقية والخُلقية، وإظهار الشوق لرؤيته وزيارة قبره الشريف، والتذكير بمعجزاته المادية والمعنوية، إلى جانب نظم سيرته العطرة في قوالب شعرية رفيعة. وهو شعر صادق بعيد عن التكسّب والتزلّف، يراد به التقرب إلى الله تعالى بمحبته لنبيه الكريم.
وبيَّنت دار الإفتاء أن الأمة الإسلامية عبر تاريخها لم تُنكر المديح النبوي، بل تلقته بالقبول والرضا، وعدّته تعبيرًا صادقًا عن محبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وأضافت أن القول بقصر المديح النبوي على الصوفية قول غير صحيح، إذ شارك فيه شعراء من مختلف المذاهب والمدارس، لأن مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم حق لكل مسلم، وهو ليس حكرًا على فئة أو جماعة بعينها.
وأشارت الدار إلى أن المديح النبوي ازدهر في بيئة المتصوفة منذ القرن السابع الهجري، حتى برز شعراء كبار في هذا المجال، ويأتي في مقدمتهم الإمام شرف الدين البوصيري، الذي يُعَدُّ رائد هذا الفن بجدارة من خلال رائعته "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"، المعروفة بـ"البردة". هذه القصيدة الخالدة صارت مثالًا يُحتذى به لدى الشعراء في العصور اللاحقة، حتى أجمع الباحثون على أنها من أروع وأشهر القصائد في المدائح النبوية، إلى جانب قصيدة كعب بن زهير رضي الله عنه "بانت سعاد" المعروفة بالبردة الأم.
واختتمت دار الإفتاء بيانها مؤكدة أن المديح النبوي ليس بدعة، بل هو فن أصيل يعكس محبة صادقة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومحاولة للتعبير عن عظمة مكانته وجليل قدره، مبيّنة أن محبة النبي ومدحه أمرٌ مشروع ومستحب، يدخل في دائرة تعظيمه وتوقيره امتثالًا لقوله تعالى: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ [الفتح: 9].