من أكثر المشاهد التى تجعلك تشعر بالحزن على ماوصل اليه حالنا فى هذه المرحلة ذلك المشهد الذى تناقلته وسائل الاتصال الاجتماعى " السوشيال ميديا " والذى يظهر فيه شاب يركب موتوسيكل ويسرق موبايل من أحد المارة الذى يتمكن من الامساك بالسارق ويوقعه من على الموتوسيكل ، وفى لحظة فارقة يقوم السارق باخراج سلاح يشبه السيف ويتجمع الناس ليس من اجل الامساك به ومساعدة المسروق على أن يسلم السارق الى الشرطة ولكنهم تجمعوا حول السارق لمساعدته فى تشغيل ماكينته البخارية التى تعطلت لدقائق وبعدها ينطلق وكأن شيئا لم يكن . هذه الحادثة تتشابه كثيرا مع أخرى قام فيها شباب بمطاردة فتاتين من قبيل الهزار البذىء ولم يتركا الفتاتان الا عندما وقعت لهما حادثة نقلا بعدها الى المستشفى ، والغريب أن كل هذه الحوادث تقع على مرأى ومسمع من الناس وأقصى مايتم فعله هو التصوير وانتظار النهايات التى يكون هدفها الاول ركوب التريند وجنى الأموال . هذه الحوادث أظهرت طبيعة غريبة على المصريين الحاليين تصدرتها مفاهيم غريبة على مجتمعنا يعتليها مفهوم "الأنامالية". هذا المفهوم أو المصطلح يجعل كل مواطن ساكن فى مكانه لايتحرك مهما كان الحدث ومهما كان مايراه ويجعل الحجر ينطق ويتحدث . الانامالية انعكاسا للسلبية وعدم الاحساس بالاهمية المجتمعية كما انه يؤكد على أن الولاء والانتماء يتراجع مع الاحساس بعدم القيمة والشعور الداخلى بأنا ماليش دعوة ، هو أنا هصلح الكون لوحدى ، يعنى انا لما أتدخل ويجرالى حاجه فيه حد هيقف جنبى !! ووفقا لهذه المفاهيم سيزداد المشهد سوءا وسوف تتراجع معه كافة القيم النبيلة وعلى رأسها الشهامة التى كانت قديما من أهم مميزات الشعب المصري والمصريين كافة . الأنامالية جعلت السلبية تتعاظم وتكثر لانها زادت من حجم ماتراه ونراه جميعا على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية التى تهتم وتدعم هذه النوعية من اللقطات وأصحابها . فى مجتمعنا الحالى أصبح الماسك على قيمه كالقابض على الجمر بل وصار يوصف بأنه القديم والرجعى والمتخلف عن الركب الحديث . صار الطبيعى ان يتم تصوير كل شىء ورفعه على السوشيال ميديا من اجل الشهرة والمال ولم يعد يهتم أحدًا بالمحتوى ولا أثره وآثاره ، كل ماتراه اصبح مقبول ومرحب به على السوشيال ميديا؛ أم تضرب ابنها ، اب يطرد أولاده ، طفل يعذب حيوان برىء ، ناهيك عن المشاهد الخادشة للحياء والالفاظ الموحية والايماءات القذرة فهى بالطبع لها سوقها ومريديها والباحثين عنها الذين على استعداد لدفع المزيد من الأموال لكل من على استعداد لالتقاط المزيد من هذه المشاهد واللقطات . نحن فى مرحلة تستدعى جهودا فائقة وتشابك كافة الأيادى الوطنية التى تعيدنا الى مرحلة القيم الاصيلة والاخلاق الراسخة ، هذه المرحلة تبدأ من البيت المصرى الذى انساق وراء مايحمله الغرب من قيم تخصه هو وترضيه لذاته لانها مناسبة لهم وليست لنا ولا لاخلاقنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا المصرية الطيبة. هذه الفئة المرحبة بكل ماهو غربى مهما كان اثره هى التى استباحت قيمنا واشادت بالقادم من بلاد العم سام تحت مسمى التقدم والحرية التى تقترب الى حد الاباحية والفوضى المسماة غربيا بالفوضى الخلاقة . من حادثة السارق ومساعدة المصريين له لكى يمضى فى طريقه حاملا سلاحه الى كافة حوادث انتهاك الاعراض وخدش الحياء والتحرش والتنمر ومايقابلهم من ردة فعل اللامبالاة لابد ان نحزن وتعزى أنفسنا على ضياع جزء أصيل من تركيبة المصرى المأسوف عليه المحزون على ماأصبح عليه حاله وأحواله ليت القديم يعود يوما لنخبره بما فعل الحديث بنا وبكل مافينا من مصريات كانت تميزنا وتجعلنا نتفاخر بكوننا مصريين .