أحمد كريمة يكشف أسرار وصول أولياء الله للغيبيات: الولاية بين النبوة والتجربة

تحدث الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، عن المفهوم الشرعي لوصول أولياء الله الصالحين إلى مراتب الغيبيات، مبينًا أن هذه المعرفة ليست وليدة الصدفة، بل ثمرة مراتب إيمانية وسلوكيات عبادية راقية، وارتباط وثيق بالله سبحانه وتعالى.
وأكد أحمد كريمة خلال حواره على قناة "الحدث اليوم" أن التدرج في سلم الإيمان يبدأ من المقلد العادي، وصولًا إلى العالم المتخصص، ثم العارف بالله، وهي المرحلة التي يصل فيها الإنسان إلى إدراك ما وراء الحواس من حقائق، في إطار ما أذن الله به لعباده المخلصين.
مراتب بين التقليد والمعرفة
شدد أحمد كريمة على أن الناس في درجاتهم الإيمانية يختلفون، فهناك المقلد من عوام المسلمين، وهناك العلماء مثل علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء والأوقاف، ثم تأتي مرتبة العارف، وهي أسمى درجات الإدراك الروحي.
واستشهد أحمد كريمة بقول عبد الله بن عباس في تفسير قوله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، حيث فسرها بـ "ليعرفون"، مشيرًا إلى أن الإمام الغزالي أشار في كتابه "المنقذ من الضلال" إلى هذا المعنى العميق.
رحلة البحث عن علم الحقيقة
روى أحمد كريمة القصة القرآنية الشهيرة التي تجمع بين سيدنا موسى والعبد الصالح الخضر، حيث طلب موسى عليه السلام أن يتعلم علمًا غير الذي تلقاه في الشريعة، وهو علم الحقيقة والمعرفة الباطنية.
وأوضح أحمد كريمة أن هذه القصة تبرز ضرورة الأدب في طلب العلم، فقد استأذن موسى الخضر في أن يتبعه، وبيّن له الخضر أنه سيواجه صعوبة في الصبر على ما لم يطلع على حقيقته، ثم وقعت الأحداث الثلاثة: خرق السفينة، وقتل الغلام، وبناء الجدار، وكلها دروس في الحكمة الإلهية التي لا تدركها الحواس.
الولاية بعد النبوة
أكد أحمد كريمة أن الولاية منزلة تأتي بعد النبوة، مستشهدًا بقوله تعالى: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، موضحًا أن الولي هو العبد المؤمن المخلص الذي يقربه الله منه، ويكرمه بفيض من الهبات المعنوية.
وضرب أحمد كريمة مثالًا بواقعة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين تصدق بخاتمه وهو راكع في الصلاة، فنزلت فيه الآية الكريمة: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا"، مشيرًا إلى أن هذه الحادثة تعد دليلًا على رفيع منزلة الإمام علي.
حياة الصحابة وأهل البيت
أوضح أحمد كريمة أن موقف الإمام علي في التصدق أثناء الركوع كان تجسيدًا عمليًا لمقام الولاية، مؤكدًا أن أهل البيت الكرام كانوا قدوة في الجمع بين العبادة والعطاء.
وأشار أحمد كريمة إلى أن الشيخ أحمد حسن البقوري، وزير الأوقاف الأسبق، ألف كتابًا بعنوان "علي إمام الأئمة"، أكد فيه أن عليًا رضي الله عنه هو النموذج الأكمل للولي بعد النبي ﷺ.
التبرك ومشروعيته في الإسلام
انتقل أحمد كريمة للحديث عن مشروعية التبرك، مستشهدًا بقصة السيدة مريم عليها السلام حين كان نبي الله زكريا يجد عندها رزقًا لم يأت من طريق البشر، فكانت تقول: "هو من عند الله".
وبيّن أحمد كريمة أن هذا الموقف دليل على أن الله يرزق من يشاء بغير حساب، وأن التبرك بمكان عبادة الصالحين وأولياء الله مشروع، إذا كان مقرونًا بالإيمان بأن الفضل لله وحده.

رسالة إلى منكرين الكرامات
في ختام حديثه، وجّه كريمة رسالة إلى من ينكرون كرامات الأولياء، داعيًا إياهم للتأمل في نصوص القرآن والسنة التي تثبت وجود هذه المقامات.
وذكر أحمد كريمة أن الغيبيات التي يبلغها الأولياء ليست علم الغيب المطلق الذي يختص به الله، وإنما هي إشراقات ربانية وإلهامات إيمانية، يفيض بها الله على قلوب عباده المخلصين.عن تحرك حازم بعد الاعتداءات التي استهدفت سفارات القاهرة في عدد من الدول الأوروبية.