«رسالة أخيرة بخط يده».. كيف أشعل اعتقال إمام أوغلو التوتر السياسي في تركيا؟

يزخر المشهد السياسي في تركيا، مؤخرا، بتصاعد التوتر بين الحكومة والمعارضة، خاصة بعد القبض علي رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو، وذلك عقب إعلان الأخير ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028.
ففي خطوة مفاجئة، اعتقلت السلطات التركية رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، ومستشاره الإعلامي، صباح أمس الأربعاء، ما أثار جدلًا واسعًا واحتجاجات في عدة مدن تركية.
وجاء الاعتقال في إطار تحقيقات تتعلق بـ"الفساد والإرهاب"، وفقًا للسلطات، وهي خطوة وصفتها المعارضة بأنها ذات دوافع سياسية، حيث شملت حملة الاعتقالات نحو 100 شخص آخرين على صلة بإمام أوغلو، من بينهم رئيسا بلديتي إسطنبول المنتخبان، رسول عمرة شاهان ومراد جاليك.

ويُعد إمام أوغلو أحد أكثر الشخصيات السياسية شعبية في تركيا، حيث يُنظر إليه على أنه المنافس الأبرز للرئيس رجب طيب أردوغان، الذي فشل حزبه في استعادة إسطنبول، التي بقيت تحت إدارة حزب الشعب الجمهوري المعارض، على الرغم من فوز أردوغان بولاية رئاسية جديدة في 2023.
بعد اعتقاله، نشر الحساب الرسمي لإمام أوغلو على منصة "إكس" رسالة مكتوبة بخط يده، قال فيها: "سترد أمتنا بكل قوة على المؤامرات والفخاخ والأكاذيب، وعلى منتهكي حقوق الشعب، وعلى من يسلبون إرادة الشعب"، قبل أن يختم رسالته قائلًا: "أستودع الله أمري أولًا، ثم أمتنا. مع خالص تحياتي".
تحليلات وسيناريوهات مستقبلية
يقول الصحفي والمحلل السياسي التركي، هشام جوناي، إن السلطات تواصل التحقيقات مع المعتقلين، ومن المتوقع أن تستمر فترة الاحتجاز الأولي لمدة يومين أو ثلاثة قبل اتخاذ أي قرار بشأن الإفراج عنهم أو استمرار احتجازهم على ذمة التحقيق.
وأضاف الصحفي والمحلل السياسي التركي في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن التهم لم تثبت بعد، ولم تبدأ المحاكمة رسميًا، مما يجعل من المبكر إصدار أي أحكام بشأن القضية.

وتابع جوناي، أن الحديث عن دوافع سياسية وراء الاعتقال قد يكون مبالغًا فيه، خاصة أن تركيا لن تشهد انتخابات قريبة، حيث إن الاستحقاق الرئاسي المقبل سيكون بعد أربع سنوات، وهي فترة كافية لظهور بدائل سياسية أخرى، موضحا أن البعض يرى أن شخصيات مثل إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، الذي يتمتع بشعبية واسعة، قد تمثل مصدر قلق للرئيس أردوغان.
وأشار جوناي إلى أن توقيت الاعتقال ربما يرتبط بالإعلان المتوقع لترشح إمام أوغلو للرئاسة، إلا أن الاحتجاز في حد ذاته لا يشكل عائقًا قانونيًا أمام خوض الانتخابات، وخصوصا بعد إعلان جامعة إسطنبول، الثلاثاء، إبطال شهادة إمام أوغلو الجامعية، مشيرة إلى وجود "أخطاء واضحة" في منحها، وهو ما قد يشكل عائقًا قانونيًا أمام ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة.
تصاعد التوتر بين الحكومة والمعارضة
من جانبه، قال طه عودة أوغلو، الباحث في العلاقات الدولية، إن المشهد السياسي في تركيا يشهد تصاعدًا في التوتر بين الحكومة والمعارضة، خاصة بعد إعلان إمام أوغلو ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028.

وأضاف أن حملة الاعتقالات جاءت بعد يوم واحد من قرار جامعة إسطنبول بسحب شهادته الجامعية، وهو ما قد يمنعه قانونيًا من الترشح، موضحا أن هذه الخطوة أثارت حالة من الانقسام في الشارع التركي، حيث اعتبرتها المعارضة "انقلابًا على اختيار رئيس تركيا القادم"، بينما ردت الحكومة عبر وزارة العدل بأن الإجراءات تسير وفق القوانين القضائية، دون أي تدخل سياسي.
خيارات المعارضة في المرحلة المقبلة
وأشار عودة أوغلو إلى أن الاحتجاجات التي اندلعت في عدة مدن تركية تعكس حجم الغضب الشعبي، وقد تؤدي إلى تصعيد أكبر خلال الفترة المقبلة، موضحا أنه مع استمرار احتجاز إمام أوغلو، فإن السيناريوهات البديلة، هي اختيار المجلس البلدي رئيسًا جديدًا لبلدية إسطنبول في حال استمرار غيابه، فيما يبرز اسم رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، كمرشح محتمل لخلافته في المشهد السياسي، نظرًا لشعبيته الواسعة.
مستقبل المشهد السياسي
وتابع عودة أوغلو، أنه في ظل استمرار التوتر بين الحكومة والمعارضة، فأن تركيا مقبلة على مرحلة سياسية مضطربة، خاصة أن إمام أوغلو يُعتبر رمزًا للمعارضة التي نجحت في كسر هيمنة حزب العدالة والتنمية على البلديات الكبرى، وعلى رأسها إسطنبول.