عاجل

فى مقال بصحيفة أمريكية.. وزير الخارجية يستعرض الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة

وزير الخارجية بدر
وزير الخارجية بدر عبد العاطي

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مقال له بصحيفة "هيل" الأمريكية، إنه منذ أكثر من 16 شهرًا، يُعاني الفلسطينيون في قطاع غزة من ظروف إنسانية لم يشهدها العالم مُنذ الحرب العالمية الثانية؛ إذ تم تشريد ما يقرب من مليوني شخص في القطاع داخليًا، حيث قُتل أو أصيب أكثر من 150 ألف شخص وفقا للأمم المتحدة، بينما دُمرت 50% من مُستشفيات القطاع ومرافقه الطبية، وتحطمت 88% من مدارسه جزئيًا أو كليًا، وتضررت 68% من مناطقه الزراعية، وخرجت فيه 68% من طرقاته من الخدمة. 

وأوضح الوزير أنه وكما تعكس الإحصاءات، لم تكن الحرب الإسرائيلية مجرد حرب ضد حركة "حماس"، بل توسعت لتشمل جميع السكان المدنيين والبنية التحتية الحيوية. 

خطوتان حاسمتان

ورأى الوزير في مقاله، أنه لمُعالجة هذه الأزمة الهائلة، يجب اتخاذ خطوتين حاسمتين، الأولى أن نقدم فورًا خطة إنسانية شاملة وشاملة تخفف من معاناة الفلسطينيين وتعيد الحياة إلى غزة من خلال برامج إنعاش مبكر وإعادة الإعمار، والثانية، عبر تقديم خارطة طريق سياسية تضع حدًا حاسمًا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يتمخض عنها في النهاية دولة فلسطينية مُستقلة، بما يضمن أن تكون هذه الجولة المروعة من العنف هي الجولة الأخيرة.  

ومضى الوزير في شرح الخطوتين، موضحًا أن مصر وضعت خطة متعددة المراحل ومُحددة زمنيًا لإعادة إعمار غزة، تتضمن ثلاث مرا

حل رئيسية بإطار زمني يمتد من عام 2025 إلى عام 2030، مُشيرًا إلى أن هذه الخطة حظيت بتأييد كامل من 22 دولة عربية.  

وأوضح أن الخطة ستشمل في مرحلتها الأولى برنامجًا أوليًا للإنعاش المبكر يمتد لستة أشهر، يقدم إغاثة عاجلة للفلسطينيين في غزة من خلال توفير آلاف الوحدات السكنية المؤقتة على شكل كرفانات ومنازل جاهزة وخيام لإيواء 1.2 مليون فلسطيني في غزة مؤقتًا. كما ستشمل برامج مُكثفة لإزالة وإعادة تدوير حوالي 50 مليون طن من الأنقاض، وإزالة الذخائر غير المنفجرة والذخائر. 

إعادة الإعمار 

وستركز المرحلتان المتبقيتان بالكامل على إعادة الإعمار، وستشملان بناء ما مجموعه 400 ألف وحدة سكنية دائمة تستوعب 2.7 مليون فلسطيني، وإعادة تأهيل شبكات الطرق واستصلاح 20 ألف فدان زراعي. وستشمل مراحل إعادة الإعمار أيضًا بناء ميناءين ومطار ومحطات طاقة شمسية ومركز خدمات حكومي ومرافق تعليمية وطبية. وبمجرد إنشاء البنية التحتية الأساسية والمرافق الأساسية، ستكون غزة جاهزة للاستثمارات العالمية في قطاعات مختلفة بما في ذلك السياحة والطاقة والخدمات اللوجستية. 

وقال "عبد العاطي"، إن الخطة صُممت بما يتوافق تمامًا مع المبادئ الأساسية للتخطيط الحضري المنصوص عليها في أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن مصر تتمتع بخبرة واسعة وقيمة من دورات إعادة الإعمار السابقة في غزة والتي أعقبت الجولات المتكررة من العنف بين إسرائيل وحماس، موضحا أن وجود قطاع غزة على الحدود مع مصر، يضع مصر في المقدمة عندما يتعلق الأمر بالتخطيط اللوجستي والتنفيذ التشغيلي لإعادة الإعمار والتأهيل.  

وأشار الوزير إلى أن الخطة وضعت لضمان بقاء الفلسطينيين في قطاع غزة في وطنهم، موضحًا أن الفلسطينيين يُعارضون الأفكار التي تُشير إلى إبعادهم عن أراضيهم، وذاكرتهم الجماعية مليئة بالحزن، بالنظر إلى الظلم التاريخي المأساوي الذي لحق بشعبهم الذي طردته إسرائيل قسرًا من وطنه في منتصف القرن العشرين، ولم يتمكنوا من العودة إليه منذ ذلك الحين، ولهذا السبب، فإن الفلسطينيين حساسون للغاية تجاه محاولات فصلهم عن وطنهم. 

وأكد الوزير أن التحدي الهائل المُتمثل في إعادة إعمار غزة أكبر، بما لا يدع مجالا للشك، من أن تستطيع دولة واحدة على التعامل معه، ما يتطلب جهدًا دوليًا جماعيًا، بمشاركة عدد كبير من الشركات في جميع مراحل إعادة الإعمار، بما في ذلك شركات أمريكية متعددة، ولهذا السبب، ستستضيف مصر مؤتمرًا دوليًا حول إعادة إعمار غزة بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية.  

وسيسعى هذا التجمع العالمي إلى جمع التمويل من الدول المانحة، والمؤسسات المالية لتنفيذ الخطة الخمسية التي ستتطلب ما يقارب 53 مليار دولار. 

إدارة غزة

وفي الوقت نفسه، سيتم إنشاء لجنة فلسطينية جديدة لإدارة غزة. وأشار الوزير إلى أنه سيتولى إدارة هذه اللجنة، وبشكل حصري، فلسطينيون من التكنوقراط، لا ينتمون إلى أي فصيل على الإطلاق. وستتمثل مهام اللجنة الرئيسية في حكم غزة وإدارة المساعدات الإنسانية والعمل لفترة انتقالية، تمهيدًا لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة. وشدد الوزير على أنه لن يكون هناك مجال لفصيل لحكم غزة خلال هذه الفترة الانتقالية، مشيرا إلى أنه في غضون ذلك، سيتم العمل بسرعة على استعادة القانون والنظام، ولأجل هذا، ستبدأ مصر على الفور بتدريب الآلاف من ضباط الشرطة الفلسطينية لتعزيز الأمن ومواجهة الانفلات الأمني واستعادة ثقة الجمهور.  

وقال الوزير عبد العاطي إنه في الوقت الذي يتم العمل فيه على مُعالجة القضايا الإنسانية والأمنية وقضايا الحكم في غزة، فإن من الواجب أيضاً تقديم أفق سياسي، يولد الأمل ويحقق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرا إلى أن خارطة طريق التي سيتم تقديمها يجب أن تتوج بإقامة دولة فلسطينية مُستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، حيث يمكن للفلسطينيين أن يعيشوا أخيرًا مُتحررين من الرزوح تحت الاحتلال الإسرائيلي. 

وشدد الوزير على أنه يجب أن نوفر للفلسطينيين مستقبلاً يرتكز على الأمل لا اليأس، والحرية لا الأسر، والاستقلال لا القهر، مُشيرًا إلى أنه فقط عندما يتحرر الفلسطينيون، سننجح في إبعادهم عن فخ التطرف والراديكالية. 

وأوضح الوزير أن قيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعد حاسمة في هذه المرحلة التاريخية، فقد عكس خطابه في مراسم تنصيبه رغبته الراسخة في تحقيق السلام العالمي ووقف الحروب التي لا تنتهي التي عصفت بمناطق عديدة ولم تجلب سوى الألم والحزن لشعوبها، مُشيرًا إلى أن مصر ترحب كذلك بتصريحاته الأخيرة بشأن عدم تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتتطلع للعمل معه للتوصل إلى اتفاق تاريخي يُنهي هذا الصراع ويُحقق السلام والأمن والازدهار لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. 

تم نسخ الرابط