انقسام داخل التحالف الشيعي في لبنان حول قرار حصر السلاح بيد الدولة

كشفت الأزمة السياسية التي يشهدها لبنان عقب قرار مجلس الوزراء بحصر السلاح بيد الدولة، عن تباين ملحوظ في مواقف طرفي التحالف الشيعي، حركة أمل وحزب الله، الأمر الذي يثير تكهنات حول إمكانية اتساع الفجوة بينهما في المستقبل بشأن قضايا داخلية حساسة.
فبينما طلبت قيادة حركة أمل من أنصارها الامتناع عن المشاركة في المسيرات الرافضة للقرار، وفضّلت التعامل معه عبر قنوات سياسية ودبلوماسية، واصل أنصار حزب الله تنظيم الاحتجاجات الميدانية، معلنين رفضهم القاطع لما وصفوه بـ"الإملاءات الأمريكية – الإسرائيلية"، وهو الموقف الذي شدد عليه نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم.
واعتبرت مصادر لبنانية موقف أمل مؤشراً على توجه أكثر اعتدالاً، يراعي أولوية الأمن والاستقرار الداخلي، في حين يرى مراقبون أن التباين الواضح في خطاب الطرفين وتصرفاتهما قد يساهم في تعميق الانقسام داخل التحالف الشيعي في المرحلة المقبلة.
وتعود جذور الأزمة إلى قرار الحكومة تكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة، وفق ما نصّت عليه "ورقة براك" الأمريكية، التي ربطت نزع سلاح "حزب الله" بحزمة دعم اقتصادي دولي للبنان. وقد رفض الحزب القرار بشدة، ملوحاً بالتصعيد إذا لم يتم التوصل إلى صيغة تسوية.
وأصدر الجيش اللبناني بياناً محذّرا فيه من تحركات غير محسوبة تهدد الاستقرار، مؤكداً احترامه لحرية التعبير السلمي، لكنه رفض أي أعمال تشمل قطع الطرق أو التعدي على الأملاك العامة.
الفرق بين حركة أمل وحزب الله
ويرى محللون أن الفارق في أسلوب التعاطي بين أمل وحزب الله، حيث تميل الأولى إلى الحلول السياسية، فيما يعتبر الثاني السلاح جزءاً من هويته، قد يمهد لانقسام سياسي وطائفي أوسع إذا استمر التصعيد، خصوصاً مع تصاعد الاحتجاجات التي يشارك فيها مناصرو الحزب، وتهديد قياداته بمحاصرة السراي الحكومي وإعلان العصيان المدني قبل نهاية أغسطس الجاري.
سعي الحكومة اللبنانية لفرض السيادة
وأشار المحلل السياسي ميشيل نجم إلى أن حكومة نواف سلام تسعى لترسيخ سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، إلا أن ضعف بنيتها المؤسسية قد يعرقل التنفيذ، محذراً من أن محاصرة السراي قد تؤدي إلى إسقاط الحكومة أو تعطيل الانتخابات، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية.
كما لفت نجم إلى أن دعم إيران المستمر لحزب الله يمنحه ثقلاً سياسياً وعسكرياً، رغم خسائره في الحرب الأخيرة، فيما يدفع الضغط الأمريكي الإسرائيلي الحكومة نحو تنفيذ القرار، ما يبقي البلاد في حالة من الفوضى السياسية.
أما المحلل السياسي عبدالرحيم النوباني، فاعتبر أن هذا التباين بين أمل وحزب الله حقيقي، مشيراً إلى أن أمل، رغم رفضها للقرار، تفضّل التفاوض وإبداء المرونة في القضايا المصيرية التي تهدد وحدة لبنان، في حين يتمسك حزب الله بسلاحه باعتباره ركيزة أيديولوجية لا يمكن المساس بها.
ويخلص النوباني إلى أن اختلاف الأولويات بين الطرفين قد يكون سبباً في أي تصدع مستقبلي للتحالف، حيث تسعى أمل بقيادة نبيه بري إلى الحفاظ على دورها السياسي والمؤسسي، بينما يضع حزب الله سلاحه في صميم مشروعه المقاوم.