خالد غطاس: أزمة القيم تهدد المجتمع في عصر السوشيال ميديا|فيديو

كشف الدكتور خالد غطاس، المحاضر والكاتب وخبير السلوك البشري، عن رؤيته لما أسماه "التحول المقلق" الذي يشهده العالم في منظومة العلاقات الإنسانية، مشيرًا إلى أننا نعيش اليوم حالة من الانفصال عن الجوهر الإنساني والقيم المجتمعية الراسخة، مما أدى إلى تصاعد معدلات الطلاق، وانتشار الاضطرابات النفسية، وزيادة الاعتماد المَرَضي على التكنولوجيا.
وفي لقاءه مع الفنانة إسعاد يونس، في برنامج "صاحبة السعادة" المُذاع على قناة DMC، أكد غطاس أن ما نشهده حاليًا ليس فقط تغيرًا في نمط الحياة، بل "فجوة خطيرة في طريقة تعامل البشر مع ذاتهم ومع الحياة ككل"، مضيفًا: "رغم التقدم التكنولوجي والعلمي المذهل، إلا أن الإنسان المعاصر فقد البوصلة، وابتعد عن القيم الحقيقية التي كانت تشكل نسيجه النفسي والاجتماعي".
السوشيال ميديا.. جيران هذا العصر
غطاس لم يتردد في تحميل وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً كبيراً من مسؤولية هذا التغيير، مؤكدًا أنها ساهمت في "خلق صورة مثالية غير واقعية عن الحياة والعلاقات"، وهو ما أنتج توقعات لا يمكن تلبيتها، مما يولّد إحباطًا مستمرًا لدى الأفراد، ويؤدي في كثير من الأحيان إلى تفكك العلاقات الأسرية.
وقال غطاس: "مفهوم الجيران قديماً كان يقوم على الدعم والمشاركة والملاحظة، أما اليوم، فأنت تعيش وسط عالم رقمي مليء بالمراقبة والانتقادات والتوجيهات من أشخاص لا تعرفهم. الجميع يُملي على الجميع كيف يجب أن يعيشوا، وماذا يرتدوا، ومن يحبوا، ومتى ينفصلوا".
الحب.. من وسيلة للاستقرار إلى هدف وهمي
من أبرز النقاط التي أثارها الدكتور غطاس كانت حول مفهوم الحب، والذي يرى أنه تحوّل في الوعي الجمعي من كونه وسيلة لتلبية احتياجات إنسانية عميقة كالاستقرار، والأمان، والانتماء إلى هدف بحد ذاته، لكن في إطار رومانسي مثالي لا يمكن أن يصمد أمام الواقع.
وأوضح أن كثيرًا من العلاقات العاطفية اليوم تبدأ وتنتهي في العالم الافتراضي، مشبعة بلحظات من الاندفاع العاطفي السطحي، دون أسس أو فهم متبادل، مما يجعل انهيارها حتميًا. ولفت إلى أن هذا النهج في الحب سيؤدي إلى جيل كامل من الأطفال الذين ينشأون في بيئات منقسمة، يعانون من غياب الاستقرار الأسري.
الحل يبدأ بإحياء القيم الإنسانية
وفي ختام حديثه، شدد غطاس على ضرورة العودة إلى الأساس: "نحن بحاجة إلى إعادة بناء علاقتنا بالقيم، وإعادة تعريف معنى الروابط الإنسانية"، مشيرًا إلى أن ترميم العلاقات لا يبدأ من الخارج، بل من الداخل، من فهم الذات واحتياجاتها النفسية، ومن خلال تربية الوعي الجمعي على مبادئ أصيلة تحترم الإنسان في ضعفه وقوته، وتقدّر العلاقات لا كمظهر، بل كجوهر.
واختتم بقوله: "إذا أردنا أن نحمي أجيال المستقبل، علينا أن نعيد الاعتبار للقيم، ونفهم العلاقات على حقيقتها، بعيدًا عن مثالية مواقع التواصل، حتى لا نفقد تماسك المجتمع وتضيع البنية النفسية والاجتماعية للأسر".