خالد الجندي: النبي كاد أن يهلك حزنًا على عدم إيمان قومه |فيديو

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن النبي ﷺ، حرص على هداية قومه، وكان بالغًا لدرجة أن الله تعالى حذره من أن يُهلك نفسه حزنًا عليهم.
مشيرًا إلى أن القرآن الكريم وثّق هذه الحالة في أكثر من موضع، حيث قال الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف:" فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفًا" (الكهف: 6)، كما ورد أيضًا في سورة الشعراء:" فلعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين" (الشعراء: 3).
معنى "باخع" وتأثيرها
وأوضح الجندي، خلال تقديمه لحلقة من برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع عبر قناة DMC، أن كلمة "باخع" في اللغة تعني قتل النفس من شدة الحزن، وهو تعبير قرآني يعكس مدى تأثر النبي ﷺ، بعدم إيمان بعض قومه، لدرجة أنه كان على وشك أن يهلك نفسيًا وجسديًا بسبب حزنه عليهم.
وأضاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية:" هذا يدل على الرحمة العظيمة التي كان يحملها النبي ﷺ، لأمته، فقد كان يتألم بشدة لرؤيتهم بعيدين عن طريق الهداية، حتى وصفه الله عز وجل، في القرآن بقوله:" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" (التوبة: 128)."
الفرق بين الحزن والتأثر
وأشار الجندي إلى أن القرآن الكريم استخدم تعبيرًا آخر مشابهًا في سورة فاطر، حيث قال الله تعالى:" فلا تذهب نفسك عليهم حسرات" (فاطر: 8)، موضحًا أن هناك فرقًا دقيقًا بين المعنيين في السياق القرآني.
وأوضح أن تعبير "فلعلك باخع نفسك" يُشير إلى حالة الحزن العنيف والفوري، الذي قد يؤدي إلى الموت المفاجئ، مثل ما نشهده اليوم من أزمات قلبية أو جلطات بسبب الانفعال الزائد، بينما تعبير "فلا تذهب نفسك عليهم حسرات" يعكس التأثر التدريجي بالحزن، وهو الشعور الذي يتراكم بمرور الوقت وقد يؤدي إلى أمراض نفسية أو جسدية خطيرة.
دعوة للاعتدال العاطفي
وأكد الجندي أن هذه الآيات تحمل رسالة طمأنة للنبي ﷺ، مفادها أن دوره يكمن في الدعوة والتبليغ، وليس إجبار الناس على الإيمان، فالله سبحانه وتعالى، وحده هو الهادي، وهو الذي يملك قلوب عباده.
وقال:" هذه الآيات تعلمنا درسًا هامًا في الحياة، وهو ضرورة أن يؤدي الإنسان واجبه بأقصى ما يستطيع، ولكن دون أن يحمل نفسه فوق طاقتها، ودون أن يسمح للحزن على الآخرين بأن يدمر حياته أو يؤثر على صحته النفسية والجسدية".
رحمة النبي ودوره
وأضاف الجندي أن رحمة النبي ﷺ، بأمته كانت من أبرز صفاته، فهو لم يكن مجرد رسول ينقل رسالة، بل كان أبًا روحيًا محبًا للبشرية، حريصًا على هدايتها، وكان يتحمل المشقة والأذى في سبيل نشر الإسلام.
وأشار إلى أن السيرة النبوية مليئة بالمواقف التي تعكس مدى رقة قلب النبي ﷺ، وحزنه على عدم إيمان بعض الناس، ومن ذلك موقفه في الطائف عندما تعرض للأذى والإهانة، ولكنه رغم ذلك دعا الله لهم بالهداية بدلاً من أن يدعو عليهم.

رسالة للعصر الحديث
واختتم الشيخ خالد الجندي حديثه بالتأكيد على أن هذه الآيات القرآنية تحمل درسًا هامًا لكل إنسان في العصر الحديث، مشددًا على أن:" الرحمة والتعاطف مطلوبان، ولكن دون أن يدمر الإنسان نفسه بالحزن المفرط .. وعلى كل شخص أن يؤدي واجبه في الحياة، لكنه لا يتحمل مسؤولية اختيارات الآخرين؛ الإسلام دين توازن واعتدال، يحث على العطاء، لكنه في الوقت ذاته يحذر من الإفراط في المشاعر السلبية التي تؤثر على الصحة النفسية والجسدية".
بهذا التحليل العميق، قدم الشيخ خالد الجندي رؤية قرآنية واضحة حول رحمة النبي ﷺ، وشدة تأثره بحال قومه، مع التأكيد على ضرورة التوازن في المشاعر وعدم الاستغراق في الأحزان بشكل يؤثر على صحة الإنسان وحياته.