بين الحريات الرقمية والحفاظ على الأخلاق.. تحديات وضوابط عصر التواصل الاجتماعي

تكثف أجهزة الدولة المصرية جهودها لإعادة الانضباط للمجتمع والتصدي لكافة أشكال الانحراف السلوكي، حيث بدأت النيابة العامة التحقيق مع عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما على منصة «تيك توك»، بعد بثهم مقاطع مصورة خادشة للحياء العام ومخالفة للقيم الأسرية والمجتمعية.
وخلال الساعات الماضية، تم حبس بعض المتهمين احتياطيًا على ذمة التحقيقات، فيما أُخلي سبيل آخرين بضمان مالي، مع إدراج جميعهم على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، بالإضافة إلى التحفظ على أموالهم.
وأمرت النيابة العامة بإرسال الأجهزة المضبوطة للفحص الفني، وطلبت تحريات الإدارة العامة لمكافحة جرائم غسل الأموال، مؤكدة عدم التهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد أي محتوى يمس الآداب العامة أو القيم المجتمعية.
وتأتي هذه التحركات بعد تلقي بلاغات من مواطنين وجهات مختصة حول قيام بعض صناع المحتوى بنشر مقاطع مخالفة للقانون، حيث أسفرت التحقيقات عن ضبط مواد مخدرة وسلاح ناري غير مرخص بحوزة بعض المتهمين، إلى جانب أجهزة إلكترونية تستخدم في إدارة حساباتهم التي يتابعها آلاف الشباب لجذب المشاهدات وتحقيق أرباح غير مشروعة.
خطورة على المجتمع
أكد الدكتور طه أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع، أن محتوى بعض مشاهير "التيك توك" شكّل خطورة على المجتمع، نظرًا لما تضمنه من مواد تافهة أو ذات إيحاءات غير لائقة، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على القيم والسلوكيات، خاصة بين فئة الأطفال والمراهقين.
وأوضح "ابو حسين" في تصريح خاص ل"نيوز روم"، أن انتشار هذه المواد عبر منصات مفتوحة وسهلة الوصول، يجعلها أكثر خطورة على الفئات الصغيرة التي قد تتعرض لمضامين لا تتناسب مع أعمارها، ما يخلق لديهم تساؤلات وتجارب ذهنية مبكرة غير صحية.
وأضاف أبو حسين، أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تنظيم المحتوى ووضع ضوابط واضحة، بدلًا من المنع القهري، مؤكدًا أن المنع المطلق قد يدفع صناع هذا المحتوى إلى ابتكار طرق جديدة للتحايل.
وأشار أستاذ علم الاجتماع، إلى أن الأعمال الفنية والدرامية كان يمكن أن تلعب دورًا استباقيًا في التحذير من هذه الظواهر، وإن وجدت مؤشرات مبكرة لخطورتها، كان من الواجب أن تتخذ الدولة خطوات مبكرة للحد منها.
خطوة مهمة لحماية القيم والأخلاق
وفي نفس السياق، أكدت الدكتورة إيمان الريس، المستشار التربوي والنفسي وأخصائي تعديل السلوك، أن الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية في ضبط المحتوى المنشور على منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق "تيك توك"، تمثل خطوة مهمة لحماية القيم والأخلاق في المجتمع، خصوصًا في ظل الإقبال المتزايد من فئة الشباب على هذه المنصات.
وأوضحت "الريس" في تصريح خاص لـ"نيوز رووم "، أن فرق الرصد والمتابعة الإلكترونية تعمل على تتبع أي مخالفات أو تجاوزات تمس الأخلاق العامة أو العادات الأصيلة، مع اتخاذ إجراءات قانونية رادعة بحق المخالفين، وهو ما يعكس حرص الدولة على توفير بيئة إعلامية آمنة ونظيفة.
وشددت، على أن ما تقوم به وزارة الداخلية لا يقتصر على كونه دورًا أمنيًا فقط، بل يمتد ليكون دورًا وطنيًا واجتماعيًا يهدف إلى رفع الوعي المجتمعي، وردع كل من يستغل منصات التواصل لنشر سلوكيات غير مقبولة.
وأضافت أن استمرار هذه الجهود سيسهم في خلق بيئة أكثر أمانًا وانضباطًا، ويعزز الثقة بين المواطن وأجهزة الدولة في مواجهة التحديات الأخلاقية والسلوكية التي تفرضها التكنولوجيا الحديثة.