من فرانكفورت إلى كريستال بالاس.. رحلة نجاح جلاسنر الاستثنائية

قدّم النمساوي أوليفر جلاسنر نموذجًا استثنائيًا في عالم التدريب الكروي، مبرهناً على أن الإصرار والرؤية الواضحة يمكن أن تصنع الفرق الكبرى من أندية لم تكن مرشحة للتتويج. فقد خطّ اسمه بحروف من ذهب في سجلات الكرة الأوروبية والإنجليزية، من خلال إنجازات لافتة في وقت قياسي.
بدأت قصة جلاسنر مع نادي آينتراخت فرانكفورت الألماني خلال موسم 2021-2022، حيث قاد الفريق إلى تحقيق لقب الدوري الأوروبي "يوروباليج" للمرة الثانية في تاريخ النادي.
لم يكن طريق الفوز سهلاً، إذ واجه فرانكفورت منافسين كبار مثل برشلونة، لكن المدرب النمساوي اعتمد على خطة لعب جماعية منظمة، واستراتيجية جريئة في مواجهة الفرق الكبرى.
تحويل الطموحات إلى إنجازات ملموسة
وتمكن من خطف اللقب بعد مباراة نهائية مشوقة أمام فريق رينجرز الاسكتلندي، حُسمت بركلات الترجيح. هذا الانتصار لم يمنح النادي فقط لقبًا مرموقًا، بل أعاد له مكانته في دوري أبطال أوروبا، مؤكداً قدرة جلاسنر على تحويل الطموحات إلى إنجازات ملموسة.
بعد نجاحه في ألمانيا، خاض جلاسنر تحدياً جديداً في الدوري الإنجليزي الممتاز مع نادي كريستال بالاس، الذي كان بعيداً عن منصات التتويج. بدأ مشواره هناك ببناء فريق متماسك يعتمد على الانضباط الدفاعي والتحولات السريعة، مع ترك مساحة للإبداع الهجومي للاعبيه في الثلث الأخير من الملعب.
نتائج هذا التغيير ظهرت سريعاً، إذ استطاع جلاسنر قيادة الفريق للفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي لأول مرة في تاريخه، بعد مسيرة استثنائية أطاح خلالها بعمالقة الدوري، وانتهت بفوز مثير على مانشستر سيتي في النهائي.
كما أضاف لقب الدرع الخيرية إلى خزائن النادي، محققاً الثنائية الأولى في تاريخ كريستال بالاس ومثبتاً نفسه كواحد من أفضل المدربين في الدوري الإنجليزي.
يكمن سر نجاح جلاسنر في قدرته الفريدة على قراءة مجريات المباريات بذكاء، وتوظيف اللاعبين في الأدوار التي تناسب إمكاناتهم الفردية والجماعية.
الروح الجماعية والتعاون
كما يؤمن بقوة أن الروح الجماعية والتعاون يمكن أن تعوض أي نقص في الجودة الفنية. هذه العقلية، إلى جانب شخصيته الهادئة والحازمة في آن واحد، تجعل منه مدربًا قادراً على التعامل مع الضغوط وتحويلها إلى دوافع إيجابية للنجاح.
اليوم، ينظر الكثير من خبراء الكرة الأوروبية إلى جلاسنر كظاهرة تدريبية فريدة، وقائد يملك القدرة على صناعة الفرق من الصفر ومنحها ألقابًا تاريخية. ورغم اختلاف الآراء حول أسلوبه التكتيكي، إلا أن الجميع يتفق على أنه مدرب استثنائي حقق ما يصعب على كثيرين تحقيقه، ورسم لنفسه طريقًا واضحًا نحو المجد.
في عالم كرة القدم حيث تتغير الظروف بسرعة، يبقى أوليفر جلاسنر ثابتا في قمة النجاح، وكأن هناك اتفاقًا سريًا بينه وبين البطولات: "أنا أبحث عنك، وأنتِ تبحثين عني".