عاجل

منير أديب: جناح الإخوان العسكري وُجّه لصدور المصريين لا لمواجهة الاحتلال

الباحث منير أديب
الباحث منير أديب

كشف منير أديب، الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة، عن محطات فارقة في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، موضحاً كيف أسست الجماعة جناحها العسكري تحت غطاء مقاومة الاحتلال الإنجليزي، لكنها في الواقع وجهت سلاحها إلى صدور المصريين.

تاريخ طويل وتحولات 

أوضح منيرأديب، في حلقة جديدة من برنامج "مساء جديد" على قناة المحور الفضائية، أن تنظيم الإخوان يمتد عمره إلى ما يقارب 97 عاماً منذ تأسيسه على يد حسن البنا عام 1928، وهو ما يجعله كياناً شهد تحولات جوهرية عبر العقود. وأكد أن الجماعة الحالية تختلف جذرياً عن الهيئة التأسيسية الأولى، سواء في الأفراد أو أسلوب الإدارة واتخاذ القرار.

وأشار منيرأديب إلى أن المؤسسين الأوائل كانوا في الغالب من أصحاب التعليم المحدود أو المهن اليدوية، في حين يتعمد مكتب الإرشاد في الوقت الراهن اختيار أساتذة جامعات وأكاديميين ضمن قياداته. ورغم أن هذا التطور في المؤهلات لا يعني بالضرورة حداثة في الفكر، إلا أنه يعكس تغيراً في التركيبة الداخلية للتنظيم.

من السياسة إلى العنف

أكد منيرأديب أن أول تحول جذري في مسار الجماعة وقع عام 1938، أي بعد نحو عشر سنوات على تأسيسها. ففي المؤتمر الخامس للجماعة، أعلن حسن البنا انتقال التنظيم من مجرد حركة دعوية داخل المساجد إلى كيان يسعى للعمل في المجال السياسي، بالتوازي مع تأسيس ذراع للعمل المسلح.

وأكمل منيرأديب: "أفصح البنا في حينها، وبشكل صريح، عن تبني فكرة استخدام القوة عندما لا تجدي الوسائل الأخرى، وهو ما تم تدوينه في أدبيات الإخوان حتى اليو".

تأسيس الجناح العسكري 

وواصل منيرأديب: "بعد هذا الإعلان بعام واحد فقط، أسس البنا ما عُرف بـ"النظام الخاص"، وهو الجناح العسكري السري للجماعة، وبرغم التبريرات التي روجها قادة الإخوان آنذاك بأن الهدف هو مواجهة الاحتلال البريطاني، إلا أن الوقائع أثبتت أن بوصلة العنف كانت موجهة في كثير من الأحيان نحو الداخل المصري".

وأضاف منيرأديب: "فقد نفذ هذا الجناح سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت شخصيات سياسية وقضائية بارزة، من بينها اغتيال وزير داخلية مصر في بهو الوزارة، وكان حينها محمود فهمي النقراشي الذي كان يشغل في الوقت نفسه منصب رئيس الوزراء."

اغتيالات وتفجيرات 

ونوه منيرأديب إلى أنه لم يقف الأمر عند اغتيال النقراشي، بل امتد إلى قتل قضاة وتفجير محكمة استئناف القاهرة، إلى جانب تنفيذ عمليات اغتيال أخرى هزت الشارع المصري. وأكد أديب أن هذه الممارسات تكشف بوضوح أن خطاب "مقاومة الاحتلال" كان ستاراً لتبرير العنف الموجه نحو الداخل.

وأوضح منيرأديب أن إيقاف عمل الجناح العسكري لاحقاً لم يكن بدافع مراجعة فكرية أو تحول نحو السلمية، وإنما لأنه أصبح عبئاً على الجماعة، وأثار ضدها موجات من الغضب والرفض الشعبي والرسمي.

قراءة في دلالات التحولات

من خلال هذا السرد التاريخي، أستطرد منيرأديب إلى أن جماعة الإخوان لم تكن مجرد حركة دعوية، بل كيان سياسي-عسكري يتحرك وفق ما تقتضيه مصلحته التحول من الخطاب الديني البسيط إلى العمل السياسي، ثم إلى العنف المسلح، لم يكن عارضاً، بل جزءاً من تطور استراتيجي داخل بنية التنظيم.

كما تكشف هذه المحطات أن استهداف المصريين ومؤسسات الدولة كان خياراً واعياً للجماعة في مراحل معينة، وليس نتيجة أخطاء فردية أو تجاوزات معزولة، وهذا يضع علامات استفهام حول الخطاب الذي تروجه بعض قياداتها اليوم بشأن نبذ العنف.

الإعلامي يوسف الحسيني 
الإعلامي يوسف الحسيني 

العنف تحت شعارات براقة

في ختام حديثه، شدد منيرأديب على أن دراسة تاريخ الإخوان بعمق تفرض علينا فهم التحولات التي مر بها التنظيم، والتمييز بين الشعارات المعلنة والأهداف الحقيقية. فالتجربة تثبت أن رفع شعار "مواجهة الاحتلال" لم يمنع الجماعة من استخدام سلاحها ضد أبناء الوطن نفسه.

تم نسخ الرابط