قمة ألاسكا.. ترامب وبوتين وجهاً لوجه و5 سيناريوهات تحدد مصير أوكرانيا

بعد أسابيع من الترقب والتكهنات، تحدد أخيرًا موعد ومكان اللقاء التاريخي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي تغريدة نشرها ترامب على منصة «تروث سوشيال»، أعلن عن اجتماع مرتقب مع بوتين يوم الجمعة القادم في ولاية ألاسكا، في سياق مبادرة تهدف لطرح اتفاق سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا، قد يتضمن "تبادلًا للأراضي".
وتتجاوز هذه القمة المرتقبة بروتوكولات اللقاءات الدبلوماسية التقليدية، فهي تمثل مواجهة بين رؤيتين متناقضتين للحرب والسلام، في لحظة مفصلية من الصراع الأوكراني. هذا اللقاء لا يقتصر على جلوس رئيسين وجهاً لوجه، بل على تصادم رؤيتين للحرب والسلام في أوكرانيا، وسط لحظة فارقة يتقاطع فيها الطموح الشخصي بالحسابات الاستراتيجية.
فترامب، الذي يراهن على أن قوة شخصيته قد تفتح ثغرة في جدار ستة أشهر من «تصلب» موسكو، يرى في هذه القمة فرصة لانتزاع اتفاق ينهي القتال.
أما بوتين، فيدخل اللقاء متسلحًا بمكاسب ميدانية وهجوم صيفي يمضي بخطى ثابتة، مستهدفًا أن يجعل من خريف المفاوضات ساحة لإملاء الشروط، لا تبادل التنازلات. وفي الخلفية، يدور صراع خفي على من سيكتب السطر الأخير في هذه الحرب: لغة الدبلوماسية، أم منطق القوة.
خمسة سيناريوهات مُحتملة، لانهاء حرب أوكرانيا:
كشفت شبكة «سي إن إن» الأمريكية، عن خمسة سيناريوهات مُحتملة، لانتهاء الحرب التي بدأت في أوكرانيا، في فبراير 2022، ولم تصل بعد إلى اتفاق سلام، ينهي الأعمال العدائية بين موسكو وكييف.
السيناريو الأول: وقف نار غير مشروط
يتضمن هذا السيناريو موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هدنة غير مشروطة تنهي العمليات القتالية في أوكرانيا. لكن شبكة "CNN" استبعدت تمامًا قبول موسكو بأي اتفاق يُبقي خطوط التماس على حالها، معتبرة أن الكرملين لن يتراجع الآن وهو في موقع ميداني متقدم.
ففي مايو الماضي، طرحت الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا مبادرة لوقف إطلاق النار، مشفوعة بالتهديد بمزيد من العقوبات، لكن روسيا رفضت العرض بشكل قاطع.
في المقابل، تراجع ترامب عن نهج العقوبات، وفضّل التوجه إلى محادثات منخفضة المستوى في إسطنبول، لم تُثمر عن نتائج ملموسة. حتى الهدنة التي جرى التوصل إليها مطلع العام، والتي استمرت 30 يومًا لحماية البنية التحتية للطاقة، لم تثمر سوى عن التزام محدود.
واليوم، يستثمر الكرملين مكاسبه العسكرية بتحويلها إلى أوراق ضغط استراتيجية، ولن يجد مصلحة في إيقاف زخم التقدم، خصوصًا مع استمرار تفوقه الميداني.
أما التهديد بفرض عقوبات ثانوية على شركاء موسكو، مثل الصين والهند، فترى الشبكة الأمريكية أنه لن يغير المعادلة الراهنة، إذ تواصل روسيا هجومها بثقة، ويتوقع أن يستمر الزخم القتالي حتى أكتوبر المقبل على الأقل، لأن موسكو ـ بحسب وصف الشبكة ـ "تشعر بأنها الطرف المنتصر".
السيناريو الثاني: براغماتية مرحلية وتجميد الصراع
في هذا السيناريو، لا تُفضي المحادثات إلى تسوية نهائية، بل تتجه نحو اتفاق مؤقت على مواصلة الحوار، ما يرسّخ المكاسب الروسية على الأرض، ويُجمّد خطوط القتال مع دخول فصل الشتاء.
وبحلول أكتوبر، قد يكون بوتين قد أحكم سيطرته على مدن استراتيجية مثل بوكروفسك وكوستيانتينيفكا وكوبيانسك الشرقية، مما يضعه في موقع تفاوضي قوي، يتيح له التريّث خلال الشتاء لإعادة ترتيب صفوف قواته.
حينها، قد تختار روسيا أحد مسارين: استئناف العمليات العسكرية عام 2026 في حال بقيت الظروف مواتية. أو التحوّل إلى الدبلوماسية بهدف تثبيت الواقع الميداني كأمر واقع دائم.
وفي سياق موازٍ، قد يُلوّح بوتين بورقة الانتخابات الأوكرانية المؤجّلة، وهي نقطة سبق أن أثارها ترامب باقتضاب، ليُشكك في شرعية الرئيس زيلينسكي، وربما يدفع باتجاه استبداله بمرشح أكثر ميلًا لموسكو.
السيناريو الثالث.. صمود أوكرانيا
في هذا السيناريو، تُساعد المساعدات العسكرية الأمريكية والأوروبية لأوكرانيا على تقليص التنازلات على خط المواجهة في الأشهر المقبلة، وتدفع بوتين إلى السعي للتفاوض.
إلا أن الشبكة الأمريكية التي حذرت من سقوط بوكروفسك، وتهديد معاقل أخرى في شرق أوكرانيا، توقعت تباطؤًا في التقدم الروسي، كما حدث سابقًا، وقد يشعر الكرملين حتى بتأثير العقوبات وتضخم الاقتصاد.
ولقد وضعت القوى الأوروبية بالفعل خططًا متقدمة لنشر «قوة طمأنة» في أوكرانيا كجزء من الضمانات الأمنية، فيمكن لعشرات الآلاف من قوات الناتو الأوروبية هذه أن تتواجد حول كييف والمدن الكبرى الأخرى، مقدمةً الدعم اللوجستي والاستخباراتي لأوكرانيا في عملية إعادة الإعمار، وتشكل رادعًا كافيًا يدفع موسكو إلى ترك خطوط المواجهة كما هي. هذا هو أقصى ما يمكن لأوكرانيا أن تأمل فيه.
السيناريو الرابع: كارثة محتملة لأوكرانيا.. وعجز استراتيجي للناتو
وفقًا لما أوردته شبكة CNN، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بات يدرك جيدًا هشاشة التماسك الغربي، خاصة بعد قمة جمعته بدونالد ترامب، أعادت الدفء إلى العلاقات الأمريكية-الروسية، لكنها في المقابل تركت أوكرانيا في العراء.
ورغم محاولات أوروبا الحثيثة لدعم كييف، إلا أن الشبكة ترى أن الجهود الأوروبية بمفردها غير كافية لقلب موازين القوى، في ظل غياب دعم أمريكي فعال.
في هذا السياق، قد يرى بوتين أن مكاسب تكتيكية صغيرة في الشرق الأوكراني يمكن أن تتحول إلى هزيمة استراتيجية تدريجية للقوات الأوكرانية، خاصة في المناطق المكشوفة ما بين دونباس ودنيبرو وزابوريجيا، وصولًا إلى تخوم العاصمة كييف.
وفي حال تآكلت قدرات الدفاع الأوكراني، قد تواجه كييف أزمة تجنيد حادة، تتسبب في ارتباك داخلي كبير، خصوصًا إذا اضطر الرئيس زيلينسكي إلى فرض تعبئة شاملة قد تُثير موجة من السخط السياسي والاجتماعي.
أما الأوروبيون، فرغم قناعتهم بأن التصدي لروسيا على الأراضي الأوكرانية أفضل من مواجهتها لاحقًا داخل الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم يفتقرون إلى التفويض السياسي والشعبي لخوض حرب برية واسعة النطاق داخل أوكرانيا.
في هذه الحالة، يتقدم الجيش الروسي على الأرض بينما يفشل الناتو في بلورة رد موحّد، ما قد يفتح الباب أمام سيناريو مرعب: نهاية أوكرانيا كدولة مستقلة، وشرخ عميق في مصداقية الدفاع الأوروبي الجماعي.
السيناريو الخامس: العقوبات تؤتي أكلها أخيرًا
في تطور محتمل، تتوقع شبكة CNN أن تنقلب العقوبات الغربية إلى عامل حاسم، بعد أن فشلت في بداياتها في ردع موسكو. تلك السيناريو يفترض أن الضغوط الاقتصادية، إذا استمرت بوتيرة متصاعدة، قد تُضعف التحالف بين روسيا والصين، وتؤدي إلى استنزاف صندوق الثروة السيادي الروسي، ما ينعكس مباشرة على قدرة الكرملين في تمويل الحرب واستمرارها.