هدم مبنى هندسة السكة برمسيس.. صراع بين ذاكرة التاريخ ومتطلبات التطوير

في قلب ميدان رمسيس، وعلى بعد خطوات من محطة مصر، يقف مبنى "هندسة السكة" شامخًا منذ أكثر من قرن، شاهدًا على تاريخ السكك الحديدية المصرية، المبنى، الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى أوائل القرن العشرين، يتميز بطراز معماري فريد من واجهات مزخرفة، ونوافذ خشبية عالية، وأسقف مرتفعة تعكس ملامح العمارة في تلك الحقبة.
خلال الأسابيع الأخيرة، تصاعد الجدل حول مصير المبنى، بعد صدور قرار بإزالته ضمن خطة توسعة كوبري أكتوبر وإعادة تخطيط ميدان رمسيس لتخفيف الاختناق المروري. القرار أثار انقسامًا بين من يرى أن المشروع ضرورة لتطوير البنية التحتية وتحسين حركة المرور، ومن يعتبر أن هدم المبنى يمثل خسارة لا تُعوَّض لجزء من التراث المعماري والتاريخي للقاهرة.
المبنى كان لسنوات مقراً لأقسام هندسة السكة بالهيئة القومية لسكك حديد مصر، واحتضن مكاتب ومخططات ومشروعات ساهمت في تطوير شبكة القطارات على مدار عقود، ومع ذلك، فإن موقعه على مسار التوسعة الجديدة جعله عقبة أمام تنفيذ المشروع، ما دفع الجهات المعنية لاتخاذ قرار الإزالة رغم المطالبات الشعبية بالحفاظ عليه أو إعادة توظيفه.
مصادر بالسكة الحديد أفادت أن سبب الإزالة المقرر هو توسيع إحدى مسارات كوبري أكتوبر في الجزء المطل على المبنى، ضمن أعمال إعادة تخطيط وتطوير ميدان رمسيس التي تشمل إنشاء مطالع ومواقف متعددة الطوابق لتخفيف الاختناق المروري، الجهات المنفذة بحثت عن بدائل للحفاظ على المبنى لكن ضيق المكان جعله الخيار الأخير.
المبنى، الذي تشير نقوش على واجهته إلى تاريخ إنشائه عام 1910، يعد من عمارات السكك الحديدية التاريخية في الميدان ذا طابع معماري مميز من حيث الواجهات والنقوش والأسقف العالية والنوافذ الخشبية، وكان جزءًا من منظومة مباني محطة مصر التي تمثل معلمًا في رمسيس، المدافعون عن المبنى يعتبرون إزالته خسارة ثقافية وتاريخية.
نشطاء معماريون وصفحات تراثية وثقت تحركات لتسجيل اعتراضات ومحاولات للتفاوض مع الجهات المعنية، فيما تداول مواطنون صورًا وفيديوهات من موقع العمل تظهر تمهيدات ميدانية لبدء الإزالة، على الجانب الآخر، بعض الأصوات ترى أن المبنى متهالك وأن الحاجة لحل الأزمة المرورية في الميدان تتطلب تحركات جذرية.